الموضوعين، وعند التزاحم بينهما يقيد العقل إطلاقه لعجزه عن الجمع بينهما، وفي التقييدات العقلية الراجعة إلى مقام الامتثال يكون الأصل الاشتغال، والمولى لم يلاحظ ظرف المزاحمات، ولم يقيد حكمه بلحاظ باب التزاحم، ولم يتكفل ترجيح أحد المتزاحمين، بخلاف ما نحن فيه، فإن حكم المولى - بناء على السببية - يحدث بتبع قيام الأمارة وترجيح سلوكها على مصلحة الواقع، وقد لاحظ المولى مقام تزاحم الأمارتين وترجيح إحداهما على الأخرى، وجعل الحكم تابعا لذي المزية.
وبالجملة: يحدث الحكم عند حدوث المصلحة الراجحة بتبع قيام الأمارة التي هي ذو المزية، فيرجع الشك فوط التعيين والتخيير إلى الشك في حدوث التكليف، والأصل فيه البراءة. تأمل.
وقد اتضح بما ذكرنا من التفصيل على السببية ما في تقريرات بحث بعض الأعاظم - رحمه الله -: من أن الكلام على السببية مطلقا كالكلام في الغريقين عند احتمال أحقية أحدهما المعين، ويكون الباب من صغريات باب التزاحم (1) هذا كله على السببية.
وأما على الطريقية والكاشفية: فبعد تعارض الأمارتين وتساقطهما عقلا، والرجوع إلى الأدلة الشرعية في الأخذ بالمرجحات، يكون الأصل لدى الشك في التعيين والتخيير الناشئ عن الشك في المزية الاشتغال، لرجوعه إلى الشك في حجية الأمارة التي ليس فيها احتمال المزية، والأصل عدم