لأجل تعارض الحجتين فإن قلنا بالسببية في الأمارات، وسلكنا مسلك المنتسب إلى الأشعري (1) - من أن قيام الأمارات سبب لحدوث مصلحة في المؤدى تستتبع الحكم على طبقها، بحيث لا يكون وراء المؤدى حكم في حق من قامت لديه الأمارة، وتكون الأحكام الواقعية مختصة بالعالم بها - فالأصل يقتضي البراءة عن التعيين لدى الشك، لأن الشك في كون إحدى الأمارتين ذا المزية شك في حدوث التكليف على طبقها.
وكذا الكلام فيما إذا سلكنا مسلك المنتسب إلى المعتزلي (2) وهو سببية قيام الأمارة لحدوث مصلحة في المؤدى تكون أقوى من مصلحة الواقع، ويكون الحكم الفعلي تابعا للمؤدى، فإن فيه أيضا - مع احتمال المزية في إحدى الأمارتين - يكون الشك في حدوث التكليف تابعا لذي المزية، والأصل فيه البراءة.
نعم، بناء على ما [إذا] سلكنا مسلك من قال: إن قيام الأمارة سبب لحدوث مصلحة في السلوك مع بقاء الواقع والمؤدى على ماهما عليه، بل المصلحة إنما تكون في تطرق الطريق وسلوك الأمارة (3) فللقول بأن الأصل يقتضي الاشتغال - عند الشك في التعيين والتخيير - وجه، لصيرورة باب التعارض - بناء عليه - كباب التزاحم، فإن قلنا به هناك نقله