ها هنا، لأن مناط باب التزاحم أن يكون كل من المتزاحمين واجدا للملاك، والمتعارضان - بناء على السببية في خصوص المسلك الثالث - يكونان كذلك، لأن في سلوك كل من الأمارتين ملاكا تاما، فيصيران من صغريات باب التزاحم.
وأما بناء على المسلكين الآخرين فلا يصير من قبيل باب التزاحم، لأن المؤدى الواحد إذا قامت الأمارتان عليه يحكم إحداهما بوجوبه والاخرى بحرمته مثلا، فحدث بمقتضاهما مصلحة ومفسدة فيه، يقع بينهما الكسر والانكسار، فيصير الحكم تابعا للغالب منهما إن زاد ملاك أحدهما، وإلا فتصير النتيجة التخيير بينهما.
فلو قامت أمارة على وجوب صلاة الجمعة، واخرى على حرمتها، فحدثت بمقتضى كل منهما مصلحة ومفسدة فيها، فإن كان إحدى الأمارتين ذات مزية مرجحة تكشف عن غلبة الملاك في ذيها، فيصير الحكم تابعا لذيها، وإن تساويتا بحسب المزية يكشف عن تساوي الملاكين، فيحكم بالتخيير، وإن احتمل في إحداهما مزية يحكم بالبراءة، للشك في حدوث الحكم الشرعي التابع للملاك، وهذا بخلاف المسلك الثالث، فإن متابعة كل من الأمارتين غير متابعة الأخرى، والفرض أن في تطرق الطريق مصلحة وملاك يوجب الحكم، فيصير من صغريات باب التزاحم.
ويمكن أن يقال بالبراءة في المقام دون باب التزاحم، لأن السر في الاشتغال هناك أن للمولى حكما مطلقا ذا ملاك متعلقا بكل واحد من