المناقضة - لو كانت - إنما هي بين نفس الأحكام بحسب مقام الثبوت، لابين العلم بالإلزام والرخصة، فإذا لم يكن بين الحكمين مناقضة لا مانع من العلم بالحكم الواقعي والعلم بالحكم الظاهري من ناحية المناقضة.
نعم يمكن أن يقال: إن جعل الرخصة إنما هو مع الجهل بالإلزام، ومع العلم به تكون غايتها حاصلة. ولعل هذا مراده من عدم انحفاظ رتبة أصالة الإباحة (1) وقد خلط الفاضل المقرر رحمه الله.
هذا، ولكن الشأن في كون أصالة الإباحة بالمعنى الذي ذكره يدل عليه دليل، مضافا إلى منع كون أصالة الإباحة والحلية غير أصالة البراءة الشرعية، ولا يبعد أن يكون مفاد: (كل شئ لك حلال) بعض مفاد حديث الرفع (2).
تأمل.
وأما ما أفاده في وجه عدم جريان أصالة البراءة: وهو أن مدركها قوله:
(رفع ما لا يعلمون) والرفع فرع إمكان الوضع، وفي مورد دوران الأمر بين المحذورين لا يمكن وضع الوجوب والحرمة كليهما، لاعلى سبيل التعيين، ولاعلى سبيل التخيير، ومع عدم إمكان الوضع لا يعقل تعلق الرفع، فأدلة البراءة الشرعية لا تعم المقام أيضا (3).
ففيه: أن مورد دوران الأمر بين المحذورين يكون مصداقين لحديث الرفع: