ذهب بعض أعاظم العصر - على ما في تقريرات بحثه - إلى الثاني.
وحاصل ما أفاد في وجهه:
أن شأن الرفع تنزيل الموجود منزلة المعدوم، لا تنزيل المعدوم منزلة الموجود، لأن تنزيل المعدوم منزلة الموجود إنما يكون وضعا لارفعا، والمفروض أن المكلف قد ترك الفعل عن إكراه أو نسيان، فلم يصدر منه أمر وجودي قابل للرفع، ولا يمكن أن يكون عدم الشرب في المثال مرفوعا وجعله كالشرب، حتى يقال: إنه لم يتحقق مخالفة النذر، فلا حنث ولا كفارة.
والحاصل: أنه فرق بين الوضع والرفع، فإن الوضع يتوجه على المعدوم فيجعله موجودا، ويلزمه ترتيب آثار الوجود، والرفع بعكسه، فالفعل الصادر من المكلف عن نسيان أو إكراه يمكن ورود الرفع عليه، وأما الفعل الذي لم يصدر من المكلف عن نسيان أو إكراه فلا محل للرفع فيه، لأن رفع المعدوم لا يمكن إلا بالوضع والجعل، والحديث لا يتكفل ذلك (1) انتهى.
وأنت خبير بما فه: فإنه يرد عليه - مضافا إلى أن العدم إذا فرض تعلق الرفع به يكون له ثبوت إضافي بالنسبة إلى عدمه، وليس عدم العدم هو الوجود، ولارفع المعدوم هو الوضع كما توهم - أن الكفارة إذا ترتبت على ترك الشرب كما هو المفروض، يكون له ثبوت اعتباري في عالم التشريع، فإن ما لا ثبوت له بوجه من الوجوه لا يمكن أن يصير موضوعا للحكم، وقد فرض