وأنت خبير بما فيه:
أما أولا: فلأن إنكار ظهور الرفع في إزالة الشئ عن صفحة الوجود بعد تحققه، وعدم احتياج استعماله في الدفع إلى عناية وعلاقة، مكابرة ظاهرة.
وأما ثانيا: فلأن كون بقاء الشئ - كحدوثه - محتاجا إلى العلة، وكون الرفع - باعتبار دفع المقتضى عن التأثير في الزمان اللاحق - دفعا، مما لا محصل له، لأن الرفع لا يصير دفعا بهذا الاعتبار، بل الرفع عبارة عن إزالة الشئ عن صفحة الوجود، والدفع عبارة عن منع المقتضي عن التأثير في الزمان اللاحق، وهذا لا يوجب أن يكون الرفع بمعنى الدفع، كما أن الحدوث عبارة عن وجود الشئ بعد العدم وجودا أوليا، والبقاء عبارة عن استمرار هذا الوجود، وذلك لا يوجب أن يكون أحدهما بمعنى الآخر.
وأما ثالثا: فلأن ما أفاد في المقام ينافي ما أفاده في التنبيه الأول من تنبيهات الاشتغال، حيث قال:
إن الدفع إنما يمنع عن تقرر الشئ خارجا وتأثير المقتضى في الوجود، فهو يساوق المانع. وأما الرفع فهو يمنع عن بقاء الوجود، ويقتضي إعدام الشئ الموجود عن وعائه. نعم قد يستعمل الرفع في مكان الدفع، وبالعكس، إلا أن ذلك بضرب من العناية والتجوز، والذي تقتضيه الحقيقة هو استعمال الدفع في مقام المنع عن تأثير المقتضي في الوجود، واستعمال الرفع في مقام المنع