الضدان تكوينيين، وأما في الأمور الجعلية الاعتبارية، كشرطية شئ للمأمور به ومانعية شئ له، مما تكون الشرطية باعتبار التقيد بوجود شئ، والمانعية باعتبار التقيد بعدم شئ، فمما لا يمكن الالتزام به، لأن الضدية لا تتحقق إلا باعتبار أخذ عدم شئ في تحقق الآخر في عالم الاعتبار والتشريع، فإن الطهور - مثلا - لا يكون مضادا للحدث تكوينا، بل الضدية إنما هي باعتبار أخذ عدم الأحداث في تحقق الوضوء حدوثا وبقاء، ومن ذلك ينتزع الضدية والتمانع.
فإذا لا يمكن تحقق الضدية بين الهيئة الاتصالية والقواطع لها إلا باعتبار تقيدها بعدمها، وإلا فمع عدم اعتبار عدمها فيها لا يكاد يحصل الفرق بين القهقهة والتبسم، ولابين البكاء لأمر الدنيا ولخوف الله - تعالى - حيث يكون أحدهما قاطعا دون الآخر، وليس ذلك إلا باعتبار أخذ عدم أحدهما فيها دون الآخر، فحينئذ لا محيص من اعتبار الهيئة الاتصالية واعتبار تقيد الصلاة بعدم القواطع، فلا بد من أخذ أحد الضدين شرطا والآخر قاطعا.
قلت: ما يكون ممتنعا هو جعل أحد الضدين شرطا لشئ والآخر قاطعا له، بحيث يكون اعتبار كلا الضدين وجودا وعدما في نفس المركب، ضرورة لزوم اللغوية.
وأما اعتبار عدم شئ في شئ، واعتبار المتقيد بذلك في شئ آخر، فلا إشكال فيه، ففي باب الطهارة يكون عدم الأحداث المعهودة معتبرا فيها حدوثا وبقاء، فتنتزع منه القاطعية وتقع الضدية بينهما بهذا الاعتبار، لكن