ولا يخفى على المتأمل أن ما ذكرنا هو الموافق تقريبا لما أفاده الشيخ - رحمه الله - بتقريب وتوضيح مناج ضرورة أن قوله: - فاللطف إما هو المأمور به حقيقة، أو غرض للأمر، فيجب تحصيل العلم بحصول اللطف، وقوله قبيل ذلك: كما إذا أمر بمعجون، وعلم أن المقصود منه إسهال الصفراء، بحيث كان هو المأمور به في الحقيقة، أو علم أنه الغرض من المأمور به (1) - ظاهر بل كالنص في أن ما هو المأمور به في الشق الأول هو الغرض من الأمر في الشق الثاني.
وبذلك ظهر فساد ما زعم بعض أعاظم العصر: أن مراده لا يكون مصلحة الحكم وملاكه، بل المراد منه التعبد بالأمر وقصد امتثاله، ثم فصل في أطراف هذا الاشتباه تفصيلا وتطويلا لا يخلو من غرابة (2)، وسيأتى - إن شاء الله - التعرض لبعض كلامه.
وكيف كان، فالجواب عن الأول:
أما أولا: أن مسألة كون الأوامر والنواهي تابعة لمصالح ومفاسد في المأمور بها والمنهي عنها شعبة من المسألة الكلامية المعروفة: من أنه تعالى يفعل لغرض، ويمتنع عليه تعالى الإرادة الجزافية، للزوم العبث في فعله والظلم على العباد في تكليفه، فالأوامر والنواهي لكونها من الأفعال الاختيارية لله - تعالى - لابد لها من غرض وغاية، في مقابل الأشاعرة النافين للأغراض