حكم العقل، ولولا مفسدة الاحتياط كان سكوت المولى في موارد الشبهة - إذا رأى إصابة الواقع ولو قليلا - قبيحا، ومعها كما لا يقبح السكوت لا يقبح الترخيص.
ومفسدة الاحتياط لاتزاحم فعلية التكليف، لأن المزاحمة في رتبة المصالح والمفاسد مع وحدة الموضوع توجب قصور التكليف عن الفعلية، كما لو فرضنا في مورد الشبهة يكون عروضها موجبا لحصول مصلحة غالبة على مصلحة الواقع في موضوعها، فإنه مع مزاحمة المصلحة والمفسدة في موضوع واحد يقع الكسر والانكسار بينهما، ويصير الحكم الفعلي تابعا للغالب منهما، فلا محالة يصير الحكم الواقعي مخصصا بغير مورد الشبهة في صورة الإمكان.
وأما مع تعدد الموضوع، كما لو قامت المصلحة في موضوع وقامت المفسدة في غيره، لكن وقعت المزاحمة في مقام العمل - كما فيما نحن فيه، حيث قامت المصلحة أو المفسدة بالموضوع الواقعي، وقامت المفسدة في الجمع بين المشتبهات، أي الاحتياط بإتيان كل محتمل الوجوب وترك كل محتمل الحرمة - فلا معنى لصيرورة التكليف ناقصا عن الفعلية.
ومن هذا الباب مزاحمة المهم والأهم، فإن التكليف في المهم لا ينقص من الفعلية بواسطة أهمية تكليف آخر مزاحم معه في مقام العمل، ولا يكون التكليف في المهم مشروطا أو مقيدا من قبل المولى بشئ أصلا، بل العقل يحكم بلزوم ترك المهم مع فعليته ولزوم الأخذ بالأهم، والمولى لا يؤاخذ عبده