ظهوره - عجل الله تعالى فرجه - ولما كان الوحي منقطعا بعد النبي - صلى الله عليه وآله - فلا محيص عن إيحاء الأحكام التي تكون المصلحة في إجرائها في آخر الزمان، وهذه الأحكام هي أحكام إنشائية، لا تكون المصلحة في إجرائها إلى أمد معين، كما أن موارد التخصيصات والتقييدات من الأحكام الإنشائية التي لا تكون المصلحة في إجرائها.
والمرتبة الثانية: مرتبة إجرائها وإنفاذها بين الناس، وهي المرتبة الفعلية، وليس سوى هاتين المرتبتين مرتبة أخرى، فعد مرتبة الاقتضاء والتنجز من المراتب مما لاوجه له، كما أشرنا إليه سابقا (1).
نعم بعد فعلية الحكم، وعدم الفرق من هذه الحيثية بين العالم والجاهل والقادر والعاجز، لا يكون منجزا بالنسبة إلى الجاهل والعاجز، بمعنى عدم جواز مؤاخذة المولى للعبد ب " لم تركت، أو فعلت " فعلم العبد بالحكم الفعلي موجب لحكم العقل بقبح المخالفة، وجواز المؤاخذة.
وأما في ناحية الحكم فلا يفرق بين حال العلم والجهل، فلا يكون حكم المولى بالنسبة إلى العالم غيره بالنسبة إلى الجاهل، وكذا بالنسبة إلى القادر والعاجز، ولا تتغير إرادته في جميع الحالات، فحكم المولى بحرمة الخمر حكم فعلي للموضوعات المقدرة متوجها إلى كل مكلف علم أولم يعلم، فالمولى أنشأ هذا الحكم ليعلم المكلف وليطيع، وليس في ناحية حكمه تقييد بحال العلم والجهل، ولهذا أمر الأنبياء والعلماء بتبليغه إلى الناس، بل أوجب على