مما يحكم العقل بعدم وقوعه جزما، فإذا احتمل وقوع شئ عقلا فهو يدل على عدم البرهان على امتناعه، فاحتمال الإذن في المخالفة ونقض الغرض في مورد يدل على عدم حكم العقل بامتناعهما، فحينئذ ما تقول في الإذن في ارتكاب الشبهة البدوية، بل في ارتكاب أطراف المعلوم بالإجمال في الشبهة الغير المحصورة؟ وهل هذا إلا احتمال نقض الغرض؟! وهو في الامتناع واللا امتناع مساوق للعلم به.
قلت: لا محيص لنا إلا تشريح موارد النقض وغيرها، حتى يتضح الأمر، ويدفع الإشكال، فنقول: أما النقض بالشبهة الغير المحصورة فغير وارد، لأن الإذن في ارتكاب جميع الأطراف ممتنع جدا كالإذن في المحصورة، كما أن ارتكاب بعضها - بقصد ضم البقية وارتكاب تمام الأطراف - قبيح غير ممكن الإذن.
وأما ارتكاب بعض الأطراف فهو جائز، لالما ذهب إليه المحقق الخراساني - رحمه الله - من النقص في المعلوم (1) ضرورة عدم حصول النقصان فيه بمجرد عدم الحصر، بل التكليف بقى على فعليته كالمحصورة، بل لما أشرنا إليه سابقا (2) من أن الأطراف إذا كثرت جدا - بحيث عدت غير محصورة عرفا - يصير احتمال الإصابة في بعض الأطراف موهوما بحيث لا يعتني به العقلاء، فكأن الطريق العقلائي قائم على عدم المعلوم في هذا المورد المنفرد