المعروف - من أن الأوامر والنواهي كما يسقطان بالإطاعة قد يسقطان بالعصيان (1) - بظاهره فاسد.
نعم إذا كان الأمر موقتا، وترك العبد في جميع الوقت، يكون عاصيا ويسقط الأمر، لا للعصيان، بل لقصور مقتضاه، كما أن النهي عن الصرف - بالمعنى الذي أشرنا إليه - يسقط مع العصيان، لقصور في المقتضى.
وبالجملة: مقتضى الزجر عن الطبيعة أن تكون الطبيعة في كل فرد مزجورا عنها، وما دام بقاء النهي يزجر عنها، فلا يسقط بالعصيان، وهذا - أيضا - غير الزجر عن كل. فرد، بل زجر عن نفس الطبيعة، ولازمه العقلي هو المزجورية عن كل فرد، لاتحادها معها.
وإذا تعلق الأمر بمجموع الوجودات من حيث المجموع بحيث يكون المأمور به أمرا واحدا - يكون إطاعته بإتيان المجموع، وعصيانه بترك المجموع الذي ينطبق على ترك الجميع، وترك فرد من الأفراد. وإذا تعلق النهي به يكون إطاعته بترك المجموع، وهو يتحقق بترك البعض، وعصيانه بالجمع بين جميعها.
هذا كله بحسب مقام الثبوت والتصور، وأما بحسب مقام الإثبات فالأوامر والنواهي متعلقة نوعا بالطبائع أو بإيجادها، بلا تقيد بشئ أصلا.