ولقد تصدى بعض مشايخ العصر رحمه الله - على ما في تقريراته - للجواب عمن تصدى تصحيح العبادات بأوامر الاحتياط، بما حاصله:
أن الأمر بالعمل قد يكون بنفسه عباديا كالأمر بالصلاة، وقد يكتسب العبادية من أمر آخر، وشرط اكتساب العبادية أن يكون متعلق الأمر التوصلي والعبادي متحدا، كنذر صلاة الليل، فإن النذر يتعلق بذات الصلاة، ولا يمكن تعلقه بها بما أنها مستحبة، وإلا كان النذر باطلا، لعدم القدرة على وفائه، لصيرورتها بالنذر واجبة، فلا يمكن إتيانها بعد النذر بعنوان الاستحباب، فالنذر لابد أن يتعلق بذات الصلاة، والأمر الاستحبابي - أيضا - متعلق بذاتها، لا بوصف كونها مستحبة، لأنه جاء من قبل الأمر، ولا يمكن أن يؤخذ فيه، فإذا اتحد متعلقهما يكتسب كل منهما من الآخر ما كان فاقدا له، فالأمر النذري يكتسب العبادية من الاستحبابي، وهو يكتسب الوجوب من النذري.
وأما إذا لم يتحد متعلقهما فلا يمكن الاكتساب المذكور، كالأمر بالوفاء بالإجارة إذا أوجر الشخص على الصلاة الواجبة أو المستحبة على الغير، فإن الأجير إنما يستأجر لتفريغ ذمة الغير، وما في ذمته إنما هي الصلاة بوصف كونها واجبة أو مستحبة، فمتعلقه [هي] مع قيد الاستحباب، ومتعلق الأمر الاستحبابي نفس الصلاة، فلا يتحد المتعلقان، فلا يكتسب أحدهما وصف ولهذا يكون الاحتياط في الواجب بنحو، وفي المحرم بنحو آخر، فلو كان مرجع الأمر به إلى التعلق بذات العمل يلزم أن يكون الأمر بالاحتياط أمرا ونهيا. [منه قدس سره]