فيها ليست تكوينية فهي قابلة للجعل التشريعي، و (ح) فمن المستبعد اعتبار الشارع و امضائه لما هو مبغوض له، فبالنهى الدال على الحرمة والمبغوضية يستكشف عدم اعتبار الشارع للمسبب الذي يكون تحققه بيده.
(الرابع) ما ذكره بعض المعاصرين من أن النهى يدل على المحجورية الشرعية، و من شرائط الصحة في المعاملات عدم الحجر.
(والخامس) ان يقال: ان الظاهر من النواهي المتعلقة بالمعاملات هو المنع عن ترتيب آثارها عليها، فيرجع جميع النواهي المتعلقة بالمعاملات إلى القسم الثالث الذي نقلناه عن الشيخ وهو صورة تعلق النهى بالآثار التي لا تنفك من المعاملة بحيث لو صحت المعاملة لم يعقل حرمة هذه الآثار، وقد توافق الشيخ وشيخنا الاستاد المحقق الخراساني على كون النهى في هذه الصورة دالا على الفساد، ووجهه واضح، ووجه ارجاع جميع النواهي الواردة في المعاملات إلى هذه الصورة هو ان يقال: ان للمعاملات ثلاث مراتب:
(الأولى) مرتبة الأسباب أعني نفس الايجاب والقبول (الثانية) مرتبة المسببات التي توجد بها في عالم الاعتبار من الملكية والزوجية ونحوهما (الثالثة) مرتبة الآثار الشرعية والعقلائية المترتبة على المسببات من جواز التصرف في الثمن مثلا للبايع وفي المثمن للمشترى، وجواز الوطئ ونحوه في النكاح، ونحو ذلك، ولا يخفى ان نفس الأسباب لا نفسية لها عند العرف والعقلاء وليست مقصودة بالذات بل هي آلات لايجاد مسبباتها ومندكات فيها بنظرهم، وكذلك المسببات بأنفسها أمور اعتبارية محضة وليست مقصودة بالأصالة، فان نفس الملكية مجردة من جميع آثارها لا تغنى عن جوع أحد فهي أيضا فانية في الآثار، فالمطلوب بالذات وما هو المقصود عند العقلاء في المعاملات انما هو ترتيب الآثار من التصرف في الثمن والمثمن وقضاء الحوائج بهما ونحو ذلك. فإذا كان نظر العرف والعقلاء إلى الأسباب والمسببات نظرا آليا وكانتا عندهم في الحسن والقبح تابعيتين للآثار المطلوبة فلا محالة لا يتبادر إلى أذهانهم من النواهي المتعلقة بهما الا النهى عن ترتيب الآثار، إذ لا نفسية لهما عندهم ولا يتصفان في أنفسهما بحسن ولا قبح، ونظير ذلك ما ذكرناه في مبحث المقدمة من أن الامر بالمقدمة عين الامر بذيها.