قال في الكفاية: (ان عد بعضها من معانيه من باب اشتباه المصداق بالمفهوم) ثم اختار كونه مشتركا لفظيا بين اطلب وبين الشئ (1) (أقول): الظاهر فساد القول بكونه بمعناه الجمودي مرادفا للشئ، إذ الشيئية من الأمور العامة المطلقة على الجواهر والاعراض بأسرها، واطلاق الامر على الجواهر بل على بعض الاعراض فاسد جدا، فلا يقال مثلا (زيد امر من الأمور) ولعل معناه الجمودي عبارة عن الفعل.
(ثم لا يخفى) ان عدا لفعل العجيب من معانيه لعله من جهة الاشتباه بالأمر (بكسر الهمزة) فإنه بمعنى العجيب كقوله تعالى (لقد جئت شيئا امرا. (وليعلم) أيضا ان الامر في قوله تعالى (وما امر فرعون برشيد) وفي قوله (فلما جاء امرنا) ما استعمل الا في معنى الطلب كما لا يخفى.
المبحث الثاني هل يعتبر فيه باعتبار معناه الاشتقاقي أعني الطلب علو الآمر أو استعلائه أو هما معا أو أحدهما على سبيل منع الخلو أو لا يشترط شئ منهما؟ لكل وجه، (والتحقيق ان يقال): ان حقيقة الامر بنفسه تغاير حقيقة الالتماس والدعاء لا ان المغايرة بينهما باعتبار كون الطالب عاليا أو مستعليا أو غيرهما. بيان ذلك أن الطلب بنفسه ينقسم إلى قسمين (القسم الأول) الطلب الذي قصد فيه الطالب انبعاث المطلوب منه من نفس هذا الطلب بحيث يكون داعيه ومحركه إلى الامتثال صرف هذا الطلب، وهذا القسم من الطلب يسمى امرا (القسم الثاني) هو الطلب الذي لم يقصد الطالب فيه انبعاث المطلوب منه من نفس طلبه، بل كان قصده انبعاث المطلوب منه من هذا الطلب منضما إلى بعض المقارنات التي توجب وجود الداعي في نفسه كطلب المسكين من الغنى، فان المسكين لا يقصد انبعاث الغنى من نفس طلبه وتحريكه لعلمه بعدم كفاية بعثه في تحرك الغنى، ولذا يقارنه ببعض ماله دخل في انبعاث الغنى