و أصالة الظهور في ناحية الضمير، فان الشك في ناحية الضمير مسبب عن الشك فيما أريد من العام، إذ لو أريد منه العموم تعين التصرف في ناحية الضمير، وان أريد منه الخصوص لم يقع تصرف في ناحيته (وبالجملة) المراد في ناحية الضمير معلوم، والشك انما هو في كيفية استعماله وانه بنحو الحقيقة أو المجاز، وهذا الشك مسبب عن الشك فيما أريد من العام، وقد حقق في محله ان الأصل يجرى في السبب، ولا يعارضه الأصل المسببي، وانما يرتفع الشك في ناحيته قهرا باجراء الأصل السببي، هذا خلاصة ما يمكن ان يورد على ما ذكره في الكفاية (والذي يقتضيه التحقيق) في المسألة هو ان يقال: ان هنا احتمالا آخر غير ما ذكره في الكفاية من الوجوه الثلثة، وهو انك قد عرفت أن العام يستعمل دائما في العموم، غاية الامر ان الإرادة الجدية قد تطابق الإرادة الاستعمالية فيكون المراد الجدي أيضا هو العموم، وقد تخالفها فيكون الخصوص مرادا جديا، وبناء العقلاء على الحكم بتطابق الإرادتين دائما ما لم يثبت إرادة الخصوص، (ففيما نحن فيه) يكون كل واحد من العام والضمير الراجع إليه مستعملا في العموم ويكون الاستعمال في كليهما بنحو الحقيقة (غاية الامر) انه قد ثبت بالدليل الخارجي ان المراد الجدي في ناحية الضمير هو الخصوص فيحمل عليه، ولا دليل على تخالف الإرادتين في ناحية العام، فالأصل العقلائي الحاكم بتطابق الإرادتين هو المحكم في ناحيته، ورفع اليد عن أصالة التطابق في ناحية الضمير لا يوجب رفع اليد عنها في ناحيته فتأمل جيدا * (فصل) * قال في الكفاية ما حاصله: انهم اختلفوا في جواز التخصيص بالمفهوم المخالف مع الاتفاق على الجواز بالمفهوم الموافق (وتحقيق المقام) انه إذ أورد العام وماله المفهوم في كلام أو كلامين ولكن على نحو يصلح أن يكون كل منهما قرينة للتصرف في الاخر ودار الامر بين تخصيص العموم أو إلغاء المفهوم، فلا يكون هناك عموم ولا مفهوم فلا بد من العمل بالأصول العملية إذا لم يكن أحدهما أظهر، ومنه قد انقدح الحال فيما إذا لم يكن
(٣٢٣)