بنحو لو قيل للمتكلم: (أنت قلت هذا) لم يكن له انكاره، وقد يكون بحيث لا يمكن ذلك بل يكون للمتكلم مفر منه، وان أنكر قوله إياه لم يمكن إلزامه، مثلا إذا قال المتكلم:
(ان جاءك زيد فأكرمه) فمداليله المطابقية والتضمنية والالتزامية كلها مما لا يمكن للمتكلم ان ينكر تنطقه بها، واما عدم ثبوت الوجوب عند عدم المجئ فيفهم من اللفظ، ولكن لو قيل للمتكلم: (أنت قلت هذا) مكنه انكار ذلك بان يقول: ما قلت ذلك وانما الذي قلته و وتنطقت به هو وجوب الاكرام عند المجئ، وليس الانتفاء عند الانتفاء من لوازم الثبوت عند الثبوت حتى يقال: ان دلالة اللفظ عليه بالالتزام، لوضوح ان وجوب الاكرام عند المجيئ لا يستلزم بحسب الواقع عدم وجوبه عند عدمه، ومع ذلك نرى بالوجدان انه يفهم من الكلام، ولكنه ليس بحيث يمكن ان ينسب إلى المتكلم انه تنطق به، واما الثبوت عند الثبوت وجميع لوازمه العقلية والعرفية فمما يمكن ان تنسب إلى المتكلم ويقال انه تنطق بها وليس له انكاره، وكذا الكلام في مفهوم الموافقة فان النهى عن آلاف يفهم منه النهى عن مثل الضرب ولكنه لا تلازم بين المعنيين والمدلولين بحسب متن الواقع لعدم الارتباط و العلاقة بين الحرمة المتعلقة بالأف وبين الحرمة المتعلقة بالضرب حتى يقال باستلزام الأول للثاني.
" وبالجملة " المداليل المطابقية والتضمنية والالتزامية جميعها مما لا يمكن للمتكلم ان ينكر القول بها بعد اقراره بتنطقه بالكلام، ولكن هاهنا مداليل اخر تفهم من الكلام من جهة اعمال خصوصية فيه، ومع ذلك يكون للمتكلم (مع اقراره بالتنطق بالكلام) أن يقول: ما قلت ذلك، لعدم كونها من مداليلها المطابقية والتضمنية والالتزامية.
(والمراد) بالمدلول الالتزامي ما فهم من اللفظ من جهة كونه لازما ذهنيا لما وضع له اللفظ سواء كان بحسب الخارج أيضا من لوازمه كالجود للحاتم أو من معانداته كالبصر للعمى، فما قد يتوهم في بيان الضابط لدلالة الالتزام (من أنها عبارة عن الدلالة الثابتة بالنسبة إلى اللوازم البينة بالمعنى الأخص) في غير محله، فان دلالة الالتزام تتوقف على اللزوم الذهني لا الخارجي، والمقسم للبين وغيره بقسميه هو اللازم الخارجي. (1)