(والحاصل) ان الاخبار في قولنا: (رأيت رجلا يرمى) يحتاج إلى محسن واحد، وهو كون المقام مقام الاخبار بوقوع الرؤية على الرجل. واما الاخبار في قولنا (رأيت أسدا يرمى) فيحتاج إلى احراز أمور ثلث (الأول) كون المقام مقام الاخبار بتعلق الرؤية به. (الثاني) حسن ادعاء كونه أسدا بان يكون بالغا أعلى درجات الشجاعة أو الجبن.
(الثالث) كون المقام مقام إظهار شجاعته أو جبنه.
(إذا عرفت ما ذكرناه فنقول): ان جعل عدم الاطراد علامة للمجاز ليس بلحاظ نوع العلاقة بل بلحاظ الصنف منها أعني الموارد التي يوجد فيها بين الموضوع له والمراد الجدي كمال المناسبة بحيث تكون العلاقة من أظهر خواص الموضوع له. وقولكم:
(فالمجاز أيضا على هذا مطرد) واضح الفساد بعد ما ذكرناه من أن صرف تحقق صنف العلاقة ومصحح الادعاء لا يكفى في الاستعمال ما لم يكن المقام مقام إظهار هذا الادعاء.
والحاصل انه بعد ما كان المقام مقام الاخبار بوقوع الرؤية على الرجل في المثال المذكور يكون اطلاق الرجل عليه حسنا بنحو الاطلاق، واما استعمال الأسد فيه فيتوقف (مضافا إلى تحقق صنف العلاقة ومصحح الادعاء) على كون المقام مقام إظهار شجاعته، وذلك يختلف بحسب الموارد، فجعل عدم اطراد الاستعمال من علائم المجاز صحيح بلا اشكال.
الامر الثامن في الحقيقة الشرعية لا يخفى ان ثبوت الحقيقة الشرعية في ألفاظ العبادات (كالصلاة والصوم والحج و ونحوها) يتوقف على كون ماهياتها أمورا مخترعة لشارع الاسلام، والظاهر فساد ذلك فان سنخ هذه العبادات كان معمولا متداولا بين جميع افراد البشر وأرباب الملل حتى مثل عبدة الأوثان، فان افراد البشر كانت في طول التاريخ تعتقد بشريعة ودين صحيح أو فاسد وكان كل واحد من الأديان الصحيحة والباطلة يوجد فيه عمل مخصوص وضع مثلا لان يتوجه به العبد إلى مولاه ويتخضع لديه بنحو يليق بساحة من يعتقده مولى له، ولا محالة كان لهذا السنخ من العمل في كل لغة لفظ يخصه، وكان في لغة العرب وعرفهم يسمى بالصلاة فاستعمال هذا اللفظ في تلك العبادة الخاصة ليس بوضع شارع الاسلام، بل كان مستعملا