اخبار كثيرة فوق حد التواتر يستفاد منها اجمالا امضاء هذه السيرة، فلا تقاومها الاخبار المشار إليها فتدبر.
المقصد الخامس في المطلق والمقيد (اعلم) انهم قسموا اللفظ إلى المطلق والمقيد، وعرفوا المطلق بأنه ما دل على شايع في جنسه والمقيد بخلافه. (والظاهر من التعريفين) ان الاطلاق والتقييد عندهم وصفان لنفس اللفظ ولكن بلحاظ المدلول، فإن كان مدلول اللفظ شايعا سمى اللفظ مطلقا وإن لم يكن كذلك سمى اللفظ مقيدا.
(ثم لا يخفى) ان ظاهر كلامهم أيضا كون التقسيم للفظ في حد ذاته مع قطع النظر عن تعلق حكم به، فيوجد القسمان في الألفاظ وتتصف بالوصفين سواء كان في البين حكم أم لا، فيتحقق في الألفاظ نوعان متمايزان: نوع مطلق، ونوع مقيد، نظير انقسام الكلمة إلى الاسم والفعل والحرف. (وهذا فاسد جدا) فان اللفظ في حد ذاته لا يتصف بالاطلاق والتقييد بل التقسيم إليهما والاتصاف بهما بلحاظ الحكم، فاللفظ الذي يكون لمدلوله شياع وانتشار ذاتا إذا صار موضوعا لحكم من الاحكام (سواء كان حكما وضيعا أم تكليفيا) فإن كان تمام الموضوع لهذا الحكم سمى مطلقا، وإن لم يكن تمام الموضوع لهذا الحكم بل كان في مقام الموضوعية مقيدا بقيود سمى مقيدا، فالرقبة مع كونها لفظا واحدا ان جعلت تمام الموضوع للحكم اتصفت بالاطلاق، وان جعلت مقيدة بقيد موضوعا له اتصفت بالتقييد، فالرقبة في قولنا: أعتق رقبة مطلقة، و في قولنا: أعتق رقبة مؤمنة مقيدة، فاللفظ الواحد يمكن ان يتصف بالاطلاق بلحاظ حكم، وبالتقييد بالنسبة إلى حكم آخر، وحيث إن الموضوع للحكم حقيقة هو نفس المدلول، واللفظ يكون موضوعا في القضية الملفوظة فلا محالة يكون الاطلاق و التقييد أولا وبالذات وصفين لنفس المعنى الذي له شيوع افرادي أو أحوالي، وبتبع المعنى يتصف اللفظ بهما (وكيف كان) فالاتصاف بهما انما يكون بلحاظ الموضوعية للحكم