التزم بالبراءة، من جهة انحلال العلم الاجمالي إلى العلم التفصيلي بوجوب الأقل والشك في وجوب الزائد، ويرد عليه (مضافا إلى ما أشرنا إليه ونحققه في مبحث مقدمة الواجب من عدم كون الامر بالاجزاء غيريا) ان الامر النفسي بالأكثر على تقريره (قدس سره) غير منجز فلا يمكن أن يكون الامر المترشح منه على الأقل أيضا، منجزا بداهة ان الامر الغيرى المقدمي تابع محض لما ترشح منه، وعلي هذا فيلزم عدم كون الأقل منجزا بنحو الاطلاق، ولازم ذلك عدم الانحلال. واما على ما ذكرنا فالامر بالأقل امر نفسي مطلقا والعلم به يوجب تنجزه كذلك فيترتب على تركه العقاب ولو كان الواجب هو الأكثر كما مر بيانه (هذا كله) بناء على تعلق الامر بنفس المركب، واما بناء على تعلقه بعنوان بسيط ففيه تفصيل، إذ هذا الامر البسيط (تارة) يكون شيئا متحصلا ومسببا من هذا المركب من الاجزاء بحيث يكون وجوده غير وجود الاجزاء خارجا، فيحنئذ يتعين القول بالاحتياط إذ المأمور به عنوان مبين علم الاشتغال به، ولازم ذلك وجوب تحصيل الفراغ اليقيني.
(وأخرى) يكون هذا الامر للبسيط عنوانا منتزعا عن نفس هذه الاجزاء ومنطبقا عليها فيكون وجوده عين وجودها لا مسببا منها، فيمكن ان يقال (حينئذ) بالبراءة أيضا، فان المطلوب حقيقة انما هو وجود هذا الامر البسيط الانتزاعي، والمفروض ان وجوده عين وجود الاجزاء فيتبعض الامر اعتبارا بتبعض المركب الذي هو عين المأمور به خارجا ولأجل ذلك قال في الكفاية في هذا المقام (ما حاصله) ان تصوير الجامع البسيط بين الافراد الصحيحة لا ينافي جريان البراءة مع الشك في الاجزاء (انتهى).
وكيف كان فلنرجع إلى أصل المقصود، فنقول: تصوير الجامع بين الافراد الصحيحة على ما بيناه بلا اشكال، وانما المشكل تصويره بين الصحيح والفاسد، وقد ذكر في الكفاية وجوها خمسة لتصويره مع الجواب عنها، ولا يهمنا ذكرها فلنذكر أدلة الطرفين في أصل المسألة.
(فنقول) قد استدل للصحيحي بوجوه، (منها) التبادر، (ويرد عليه) ان ادعائه انما يصح بعد تصوير مفهوم مبين يكون هو الجامع بين الافراد الصحيحة والمتبادر من