ان الشرط الشرعي لما لم تكن مقدميته معلومة الا ببيان الشارع فلا محالة يجب عليه بيان ذلك بان يجعله قيدا للمأمور به عند تعلق الامر به بنحو يكون التقيد داخلا والقيد خارجا، ولازم ذلك كون التقيد جزء للمأمور به وواجبا بالوجوب النفسي الضمني، ومن الواضحات ان الامر لا يتعلق بمفهوم التقيد بل المطلوب انما هو وجوده، وليس التقيد موجودا مستقلا بحياله في قبال وجود القيد بل يكون موجودا بعين وجود القيد، وعلي هذا فاللازم كون نفس القيد واجبا بالوجوب الضمني الانبساطي، والا يلزم تعلق الوجوب بالمطلق دون قيده.
(أقول: وفيه اما أولا) فلان هذا أيضا يوجب الخروج من محل النزاع، إذ الكلام انما هو في وجوب المقدمة بالوجوب التبعي الغيرى، وهذا التقريب يقتضى كون الشرط الشرعي واجبا بالوجوب النفسي الضمني. (واما ثانيا) فلامكان ارجاع الشروط الشرعية أيضا إلى الشروط العقلية بان يقال: ان المأمور به كالصلاة مثلا عنوان بسيط ينطبق على مجموع الأفعال الخارجية من التكبير إلى التسليم، ولكن يكون انطباق هذا العنوان على هذه الأفعال والأقوال (بحسب الواقع) مشروطا بالطهارة ونحوها فهي شروط واقعية المأمور به، غاية الامر ان الشارع قد كشف عنها من دون احتياج إلى تعلق الامر بها فتدبر.
(إذا عرفت هذه الأمور فنقول): قد صار وجوب المقدمة من المسلمات بين المتأخرين واستدلوا عليه بوجوه كثيرة (الأول) ما اشتهر نقله عن أبي الحسين البصري وهو كالأصل لا كثر الأدلة (وحاصله) انه لو لم يجب المقدمة لجاز تركها، (و ح) فان بقي الواجب على وجوبه لزم التكليف بما لا يطاق، والا خرج الواجب المطلق من كونه واجبا مطلقا.
(أقول): هذا الدليل يتألف من قياسين: أحدهما اقتراني شرطي، والاخر استثنائي (اما الأول) فصورته هكذا لو لم تجب المقدمة لجاز تركها وحين جاز تركها لزم أحد المحذورين: اما التكليف بما لا يطاق أو خروج الواجب المطلق من كونه كذلك، ينتج لو لم تجب المقدمة لزم أحد المحذورين من التكليف بما لا يطاق وخروج الواجب المطلق من كونه كذلك، فقوله (ح) بمنزلة تكرار الأوسط أعني ما هو الجزاء للشرطية الأولى (واما الثاني) أعني القياس الاستثنائي فبان يجعل النتيجة جزء أولا ويجعل جزئه الثاني