الندب، وكيف كان فالطلب في الوجوب والاستحباب شئ واحد وحقيقة فاردة، واللفظ كلما استعمل فقد استعمل في نفس معناه الحقيقي أعني نفس الطلب الانشائي لا في الطلب بقيد كونه وجوبا أو ندبا، وعلي هذا فقول صاحب المعالم: انه شاع استعمال الامر في الندب غير تام، فان اللفظ في الأوامر الندبية أيضا يستعمل في نفس الطلب، والحكم بالاستحباب وعدم استحقاق العقاب على مخالفته انما هو من جهة اقتران الطلب بالاذن في الترك لا من جهة كونه مفادا لصيغة الامر، و (ح) ففي أي مورد أحرزنا الاذن في الترك حكمنا بالاستحباب شاع أو ندر، واما إذا لم نحرز ذلك وأحرزنا وجود صرف الطلب فالعقل يحكم بان من خالفه يستحقق العقاب، وليس معنى هذا الحكم الا حكمه بوجوب الفعل، وقد ذكرنا أن الملاك في تحصل الطلب ايجابا ليس إلا عدم اقترانه بالاذن في الترك. ثم هذا كله بناء على كون الطلب بما هو طلب وبعث من قبل المولى موضوعا لحكم العقل باستحقاق العقاب كما قويناه، واما بناء على كونه موضوعا له بما أنه كاشف عن الإرادة الأكيدة فالامر أيضا كذلك، إذ اللفظ على هذا أيضا لا يستعمل الا في نفس الطلب و (ح) فكثرة حمله على الاستحباب من جهة كونه في أكثر الموارد مقرونا بالاذن في الترك الكاشف عن ضعف الإرادة، لا تضر بحمله على الوجوب فيما لم يقترن بشئ فتأمل.
* (ايقاظ) * قد نرى بالوجدان ثبوت الفرق بين قول الطالب اضرب أو أكرم (مثلا) وبين قوله اطلب منك الضرب أو آمرك بالضرب مع كون الجميع مشتركة في انشاء الطلب بها، والذي يؤدى إليه النظر في الفرق بينهما ان مفهومي الطلب والامر متصوران في الثاني بالاستقلال بحيث وقع عليهما لحاظ استقلالي وإن لم يكن نفس وجودهما مطلوبا نفسيا بل كان الفرض منهما وجود المطلوب من المطلوب منه، وهذا بخلاف الصيغ الانشائية مثل اضرب فان الملحوظ فيها على نحو الاستقلال ليس إلا خصوص المطلوب النفسي أعني صدور المطلوب عن المطلوب منه، واما الطلب والانبعاث فلم يلحظا الا بنحو الغيرية والاندكاك من دون ان يتصورا بمفهوميهما، كساير المعاني الحرفية التي لا يتعلق بها لحاظ استقلالي.