شيئا! مع أنه أيضا بالنسبة إلى وضوئه قد تحمل المشقة التي حملها المولى.
(ثم اعلم) ان المقدمات لا تحتاج في عباديتها ومقربيتها إلى تعلق امر غيرى بها حتى يكون هو الداعي نحوها بل يكفى في مقربيتها قصد الامر النفسي المتعلق بذيها، وذلك لبداهة ان من توجه إلى أن مولاه امره بفعل لا يرضى بتركه ورأى أن هذا الفعل لا يمكن اتيانه الا باتيان مقدمات يتوقف عليها وكان هذا العبد بصدد امتثال أوامر مولاه، فلا محالة ينقدح في نفسه إرادة اتيان المقدمات من دون ان ينتظر في اتيانها تعلق امر بها على حدة، وما دعاه إلى اتيان المقدمات الا الامر المتعلق بذيها، وعد هذا الشخص عند اشتغاله بالمقدمات بنظر العقلاء شارعا في امتثال امر مولاه.
(وبالجملة) في عبادية المقدمات لا نحتاج إلى تعلق امر غيرى بها، فان قلنا في باب المقدمات بعدم ترشح الأوامر الغيرية إليها، ولم تكن أيضا بأنفسها متعلقات لأوامر نفسية، كان لنا تصحيح عباديتها بان تؤتى بداعي وقوعها في طريق ذيها الذي تعلق به امر نفسي.
(بل يمكن ان يقال): ان الامر الغيرى الترشحي وان قلنا بثبوته للمقدمة بناء على القول بالملازمة ولكنه لا يكفى في عبادية متعلقه إذ لا إطاعة له بما هو هو ولا قرب.
(والسر في ذلك) ما قدمناه لك مفصلا من أن الوجوب الغيرى وجوب ظلي واندكاكي لا يراه النظر العميق وجوبا حتى أنه لو دل عليه الامر بسبب خطاب مستقل أيضا كان هذا الخطاب بنظر العقلاء بعثا وتحريكا نحو ذي المقدمة وان كان بحسب الظاهر متعلقا بالمقدمة هذا.
(ومما ذكرنا لك إلى هنا) تبين الجواب عن الاشكالين اللذين أورد هما المحقق الخراساني في باب الطهارات الثلث (بعد ما عد من البديهيات ان موافقة الامر الغيرى بما هو هو لا توجب قربا ولا مثوبة كما أن مخالفته بما هو هو لا توجب بعدا ولا عقوبة) ونحن نذكر الاشكالين مشيرا إلى جوابهما من غير أن نتعرض لما ذكروه من الجواب.
(الاشكال الأول) انه إذا كان موافقة الامر الغيرى لا توجب قربا ولا مثوبة فكيف حال بعض المقدمات اللتي لا شبهة في مقربيتها وترتب المثوبة عليها بل عدم صحتها لو لم تؤت بقصد