بوقوعها بين الحدين، وما يوجده المكلف في الآن الأول مثلا يكون فردا لهذه الطبيعة المقيدة ويكون محققا للامتثال لا بما هي طبيعة موجودة في هذا الآن بل بما هي طبيعة موجودة بين الحدين، وهكذا حال ما يوجده في الآن الثاني أو الثالث، (وبالجملة) المأمور به في الواجبات الموسعة هو الطبيعة الكلية المقيدة بوقوعها بين الحدين.
(وبهذا البيان يظهر لك) ان مضى بعض الوقت في الموسع لا يوجب تضيقه شرعا وان كان قد يتوهم في بادئ النظر ان الموسع كلما مضى بعض من وقته صار وقته أضيق شرعا إلى أن يبقى من الوقت بمقدار اتيان الواجب فيصير (ح) مضيقا شرعيا، (والسر في ذلك) هو ما ذكرناه من أن التخيير بين اجزاء الوقت ليس تخييرا شرعيا بل هو تخيير عقلي، وما تعلق به الامر عبارة عن الطبيعة المقيدة بوقوعها بين الحدين، وعلى المكلف ايجاد هذه الطبيعة المأمور بها، فالفرد الذي يوجده المكلف في آخر الوقت أيضا امتثال لهذا الامر، ولكن لا بما هو موجود في هذا الزمان المضيق، بل بما هو موجود بين الحدين (أعني من الظهر إلى الغروب مثلا الذي جعل ظرفا للواجب في لسان الدليل) (وبعبارة أخرى) الواجب على المكلف في آخر الوقت ليس هو ايجاد الصلاة في هذا الوقت المضيق بل الواجب عليه (ح) أيضا ايجاد طبيعة الصلاة الكلية المقيدة بوقوعها بين الحدين، وما يوجده المكلف في آخر الوقت انما يقع امتثالا من جهة كونه فردا لهذه الطبيعة، كما أن ما يوجده في أول الوقت أو وسطه أيضا كذلك، وعدم جواز تأخيره من آخر الوقت ليس من جهة كونه واجبا مضيقا بل من جهة ان التأخير منه يوجب فوات الطبيعة الكلية المأمور بها.
" ثم إن الامر " في الموقتات هل يقتضى بنفسه اتيان المأمور به في خارج الوقت إذا عصى في وقته أو لا يقتضى ذلك؟ (فيه وجهان) وهذا هو النزاع المشهور بينهم الذي عبروا عنه تارة بان القضاء بالأمر الأول أو بأمر جديد، وأخرى بان الموقت هل يفوت بفوات وقته أولا. (والظاهر) انه لا وجه (يعتنى به) للقول بالاقتضاء إذ الامر لا يقتضى الا اتيان متعلقه، و المفروض ان متعلقه عبارة عن الطبيعة المقيدة بالوقت، و (ح) فلا معنى لاقتضائه اتيان الفعل بعد مضى وقته (وبعبارة أخرى) الامر لا يدعو الا إلى متعلقه سواء كان طبيعة مطلقة أو مقيدة