والنهى متحدان بحسب الحقيقة، ففيما نحن فيه النهى عن البيع وقت النداء تأكيد للامر بصلاة الجمعة، فان النهى عنه انما هو من جهة كونه ضدا لها فلا نهى حقيقي في البين فتدبر.
* (التذنيب الثاني) * قد عرفت أن للقوم في المسألة مسلكين: (الأول) ان الحرمة تلازم الفساد أم لا، وعلي هذا فالمسألة عقلية. (الثاني) ان علماء الأمصار في جميع الاعصار كانوا يستدلون بالنواهي الواردة في خصوصيات العبادات والمعاملات على الفساد، وقد عرفت أيضا ان استدلالهم لم يكن بتوسيط الحرمة من جهة ظهور النهى عندهم في الارشاد.
(ونزيدك هنا ايضاحا فنقول): ان استدلالهم بهذا السنخ من النواهي على الفساد و ارسالهم ذلك إرسال المسلمات ليس من جهة كون النهى موضوعا للفساد شرعا بعد عدم كونه كذلك لغة، للقطع بعدم وضع من الشارع في هذا المقام وانه ليس وظيفته الا بيان الاحكام بلسان قومه، بل ما يحتمل أن يكون وجها لذلك أمور: (الأول) ما سبق منا من انه إذا امر من له مزيد اختصاص في العلم بشئ بهذا الشئ ثم أمر ببعض الخصوصيات المتعلقة به أو نهى عنه يتبادر من هذا السنخ من الأوامر والنواهي الارشاد إلى الجزئية أو الشرطية أو المانعية، وليس للنهى (ح) ظهور في المولوية حتى نحتاج في اثبات الفساد إلى توسيط الحرمة وادعاء الملازمة بينها وبين الفساد وقد فصلنا ذلك فراجع. (الثاني) ما ذكره الشيخ " قده " وحاصله ان الظاهر من النهى المتعلق بعبادة خاصة أو معاملة خاصة كونه ناظرا إلى العمومات المشرعة لها تأسيسا أو امضاء، فيكون بمنزلة المقيد أو المخصص لها فإذا قال الله (تعالى): ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم أو ورد في الخبر النهى عن بيع الغرر أو نحو ذلك علم منه إرادة التخصيص للعمومات الدالة على صحة النكاح والبيع ونحوهما من المعاملات، وهكذا الامر في العبادات، (هذا) ولكن يجب ان يعلم ان ما ذكره " قده " ليس وجها في قبال سائر الوجوه، فان النهى ان كان تحريميا مولويا فلا وجه لاستفادة الفساد منه في المعاملات كما عرفت، وان كان ارشاديا رجع إلى ما ذكرناه في الوجه الأول.
(الثالث) ان يقال في خصوص المعاملات: ان حصول المسببات عقيب الأسباب انما هو بجعل الشارع إياها عقيبها واعتباره لها، أو بجعل السببية للأسباب بداهة ان السببية