لا يلزم أن يكون ملتفتا إلى مقدمات المأمور به ولكنها بحيث لو التفت إليها الآمر ورأى انها مما يتوقف عليها الواجب لأرادها ووجد في نفسه حالة بعثية بالنسبة إليها.
(الرابع) المشهور بين المتأخرين وان كان وجوب المقدمة ولكن المسألة ليست من المسائل المتلقاة من المعصومين (عليهم السلام) يدا بيد حتى تكون الشهرة حجة فيها بل هي مسألة استنباطية فلا يكون الاجماع أيضا حجة فيها فضلا عن الشهرة.
(الخامس) الأقوال في المسألة كثيرة فالمشهور كثيرة فالمشهور بين المتأخرين هو الوجوب مطلقا وقال بعضهم بعدم الوجوب مطلقا وهو نادر، وفصل بعضهم بين السبب وغيره فاختار الوجوب في السبب فقط، وآخر بين الشرط الشرعي وغيره فاختار الوجوب في الأول. (واعلم) ان كلا من التفصيلين لعله نشأ من شبهة سنحت للقائل به، (اما القائل بالتفصيل الأول) فلعل نظره فيه إلى أن الأفعال التوليدية كحركة المفتاح المتولدة من حركة اليد (مثلا) لما لم يكن ايجادها بإرادة مستقلة متعلقة بأنفسها بل كانت توجد بنفس الإرادة المتعلقة بأسبابها، فلا محالة يجب كون الأسباب مأمورا بها لأنها الصادرة عن المكلف بتوسيط الإرادة دون المسببات، (وبعبارة أخرى) وجود المسبب في الأفعال التوليدية وان كان مغايرا لوجود السبب بل الايجاد فيها أيضا متعدد بعدد الوجودات لما مر من أن الوجود عين الايجاد حقيقة، ولكن لما كان صدور جميع هذه الوجودات عن المكلف بإرادة واحدة متعلقة بالسبب فلا محاله يجب تعلق الامر بالسبب لأنه المقدور للمكلف والصادر عنه بتوسيط الإرادة، حتى أنه لو كان بحسب ظاهر الدليل متعلقا بالمسبب فهو بحسب الحقيقة امر بالسبب.
(أقول): وفي هذا البيان نظر (اما أولا) فلكونه خارجا من محل النزاع، فان المتنازع فيه هو ان تعلق الامر بشئ هل يوجب ترشح امر ظلي منه متعلقا بمقدمته أو لا؟ وهذا القائل انما يدعى تعلق الامر النفسي بالسبب حقيقة (واما ثانيا) فلما عرفت من أن المسبب أيضا مقدور بواسطة القدرة على سببه، إذ المقدور بالواسطة مقدور أيضا، فالامر المتعلق بالمسبب متعلق بنفسه حقيقة غاية الامر انه يترشح منه امر غيرى أيضا متعلقا بالسبب بناء على الملازمة.
(واما التفصيل) بين الشروط الشرعية وغيرها فغاية ما يمكن ان يقال في توجيهه: