ما أراد خلق آدم امر جبرئيل بان يقبض قبضات من السماوات السبع وقبضات من الأرضين السبع ليخمر طينة آدم منها، إلى غير ذلك من الاخبار الدالة على التيام الروح الانساني من العوالم المختلفة فراجعها وتدبر.
* (المبحث الرابع) * قد عرفت أن حقيقة الطلب مغايرة لحقيقة الإرادة، فان الإرادة صفة من صفات النفس في قبال العلم مثلا، وليست قابلة للانشاء بخلاف الطلب فإنه عبارة عن تحريك الطالب المطلوب منه نحو العمل المقصود اما عملا واما انشاء، (وبعبارة أخرى) حقيقة الطلب عبارة عما يحصل (تارة) بأخذ الطالب بيد المطلوب منه وجره نحو العمل المقصود (وأخرى) بقوله للمطلوب منه: افعل كذا، ولا ارتباط لهذا المعنى بالصفات النفسانية، نعم يكون هذا المعنى بكلا قسميه من مظاهر الإرادة ومما ينكشف منه وجودها في النفس انكشاف العلة من معلوله. وبهذا البيان يظهر لك ان مدلول الانشاءات ليس هو الإرادة بل امر مظهر لها وهو الطلب.
إذا عرفت هذا فاعلم - انهم اختلفوا في أن المتبادر من لفظ الامر ومن الصيغ الانشائية والجمل الخبرية الواردة في مقام الطلب عند تجردها من القرائن، هو الطلب الوجوبي أو الندبي أو مطلق الطلب؟ واللازم أولا ان نبين ما به يمتاز الوجوب من الاستحباب في مقام الثبوت، ثم نذكر ما هو المتبادر من لفظ الامر والصيغ في مقام الاثبات (فنقول):
امتياز الشيئين اما بتمام الذات، أو بجزء منها، أو بامر خارج منها (اما الأول) فهو فيما إذا لم يشتركا أصلا أو اشتركا في امر خارج من ذاتيهما كامتياز كل من الأجناس العالية وأنواعها من الأجناس الاخر وأنواعها، فالجوهر وأنواعه مثلا ممتازة بتمام ذواتها من الكم وأنواعه (واما الثاني) فهو فيما إذا اشتركا في بعض الاجزاء وامتاز ببعضها، كامتياز الانسان من الفرس، فإنهما مشتركان في الحيوانية وممتازان بالناطقية والصاهلية.
(واما الثالث) فهو فيما إذا اشتركا في تمام الذات كامتياز زيد من عمر، فإنهما مشتركان في الانسانية وهي تمام ذاتيهما وممتازان بالعوارض المشخصة وهيهنا قسم رابع