والندب التعبديان عبارتان عما لا يحصل الغرض منهما الا باتيانهما بداع الهى وبنحو يرتبطان إلى الله (تعالى) متقربا بهما إليه ولا يشترط في عبادية العبادة تعلق الامر بها من قبل المولى، فتعظيم المولى ومدحه وثنائه إذا أتى بها بقصد التقرب إليه من العبادات وإن لم يتعلق بها امر، لكن لا بد من أن يكون التعظيم أو المدح أو الثناء بنحو يليق بجنابه (تعالى)، والكاشف عما يليق به تعالى هو الامر الصادر من قبله، ولكن بعد تعلق الامر واحراز لياقته بجنابه (تعالى) لا يشترط في عبادية العمل اتيانه بداعي الامر بل يكفى في تحققه عبادة اتيانه بداعي التعظيم ونحوه، (واما التوصلي) فهو عبارة عمالا يحتاج في حصول الغرض منه إلى قصد الامر أو القربة أو نحوهما من الدواعي الإلهية، بل يكفى في حصوله صرف الاتيان بالفعل بأي داع كان، بل لا يحتاج في حصوله إلى القصد والالتفات أيضا، فنفس تحققه ولو في حال النوم أو الغفلة مسقط للامر به لحصول الغرض منه.
(فان قلت) كيف يكون تحقق الفعل في حال النوم أو الغفلة امتثالا للامر التوصلي و موجبا لسقوطه، مع أن الامتثال لا يتحقق الا باتيان ما تعلق به الامر، وما تعلق به الامر لا بد من أن يكون امرا اختياريا موجدا بالإرادة لعدم جواز تعلق الامر بامر غير إرادي؟! (قلت) الامر مطلقا وان كان لايجاد الداعي إلى ايجاد متعلقه، ولا محالة يختص داعويته قهرا بصورة الالتفات والإرادة، ولكن متعلقه مطلقا عبارة عن نفس ذات الفعل سواء في ذلك التعبديات والتوصليات، ولا يتعلق في شئ من الواجبات بالفعل بما أنه مراد بحيث يكون معنى (صل) مثلا أرد وأوجد الصلاة غاية الامر انه قد يكون لتسبيب الداعي الإلهي والانبعاث من قبله دخل في حصول الغرض كما في التعبديات، وقد لا يكون له دخالة أصلا بل الغرض يحصل بنفس تحقق الفعل بأي نحو اتفق، وكيف كان فمتعلق الامر هو نفس طبيعة الفعل لا الفعل المقيد بصدوره عن الإرادة فإذا أتى به في حال الغفلة أيضا كان كان مصداقا للمأمور به وترتب عليه سقوط الامر قهرا.