الحدين فلا مزاحمة في البين، (هذا كله) فيما يرجع إلى الوجه الثالث.
" واما الوجه الثاني " أعني تصحيح الامر بالمهم بنحو الترتب على عصيان الأهم فقد صار معركة لآراء المتأخرين، وأول من نسب إليه تصحيحه المحقق الثاني، وشيد بنيانه السيد السند الميرزا الشيرازي، وبالغ في تشييده وتوضيحه تلامذته وتلامذة تلامذته سوى المحقق الخراساني فإنه يظهر منه انه كان مخالفا لذلك من أول الامر.
(والحق) هو الصحة، ولنذكر لبيان ذلك مقدمة لها كمال المقدمية للمطلب وان غفل عنها سائر من قال بالصحة (فنقول): لا اشكال في عدم جواز ان يصدر من قبل المولى طلب واحد بداعي البعث متعلقا بالضدين، فان الجمع بين الضدين محال والتكليف بالمحال بنفسه محال، لما مر من أن المولى الملتفت بعد كونه بصدد البعث والتحريك لا تنقدح في نفسه إرادة المحال، فكما أن الإرادة التكوينية لا تنقدح في النفس بالنسبة إلى امر محال فكذلك الإرادة التشريعية.
" وبالجملة " إذا رأى المولى ان العبد لا يتمكن من الانبعاث فكيف تنقدح في نفسه إرادة بعثه حقيقة، هذا في التكليف الواحد المتعلق بامر محال كجمع الضدين مثلا، " واما إذا فرض هنا " تكليفان تعلق أحدهما بأحد الضدين والاخر بالضد الاخر فاما ان يكونا في عرض واحد بان يكونا مجتمعين ويكون لهما المعية في رتبة واحدة أولا، اما الأول فلا اشكال أيضا في استحاله سواء كان التكليفان مطلقين، أو مشروطين بشرط واحد، أو كان كل منهما مشروطا بشرط خاص ولكن كان الآمر عالما بوجود الشرطين في عرض واحد، لو كان أحدهما مطلقا والاخر مشروطا بشرط يتحقق في عرض التلكيف الاخر، وسواء كان الشرط امرا اختياريا للمكلف أم لا، " والحاصل " ان وجود البعثين المتعلقين بالضدين مع كونهما في عرض واحد أيضا محال بجميع أنحائه ولكن الاستحالة هنا ليست من جهة تعلق الطلب بالمحال حتى يقال ان طلب المحال محال، إذ ليس هنا طلب واحد متعلق بأمر محال، بل طلبان تعلق كل منهما بأمر ممكن مقدور، فان هذا الضد بنفسه ممكن وذاك أيضا ممكن، والمحال انما هو اجتماعهما وليس هو متعلقا للطلب، ولا يمكن ان يطلق على الطلبين اللذين تعلق كل منهما بأمر ممكن