حجة من الحجج الفقهية، ومنشأ النزاع في هذه المسألة هو النزاع في أحوال صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وانهم هل يكونون بأجمعهم مبرئين من الخطأ والفسق أو لا؟
(فذهب بعض المتكلمين) (من اهل السنة) إلى أن من يطلق عليه اسم الصحابي كائنا من كان لا يكاد يخطئ فضلا عن أن يصدر عنه الفسق، ولو كانت الصحابة في آرائهم و عقائدهم متناقضين فلا يكشف ذلك عن خطأ بعضهم حتى أن معاوية مثلا كان مصيبا في مبارزته لعلي عليه السلام وكذلك علي عليه السلام في مبارزته لمعاوية.
(وقال بعضهم): ان المصيب من الصحابة من كان رأيه مطابقا للواقع، والباقون مخطئون ولكنهم معذورون، لكونهم عاملين على وفق ما يقتضيه اجتهادهم.
(وقال بعضهم): ان الصحابي يمكن ان يصدر عنه الفسق أيضا فضلا عن الخطأ، والقائل بهذا القول فيهم قليل حتى أنه يقال لهذا المذهب (في عرفهم): مذهب أصحاب البدع، هذه أقول العامة.
(وقال شيخنا) أبو جعفر الطوسي في كتاب العدة ما حاصله: " ان المتكلمين من الفرقة الحقة من المتقدمين والمتأخرين كلهم اجمعوا على أن أصحاب الصواب فرقة واحدة والباقون مخطئون " وهذا الكلام منه (قده) شاهد على ما قلناه من أن الاجماع على بطلان التصويب ليس هو اجماع الفقهاء والمحدثين، بل اجماع المتكلمين بما هم متكلمون لكون المسألة من المسائل العقلية التي يبحث فيها المتكلم بما هو متكلم وليست من المسائل الشرعية المتلقاة من المعصومين (عليهم السلام) يدا بيد حتى يكون الاجماع فيها اجماع اهل الحديث فيكون حجة. والحمد لله رب العالمين.
* (الفصل الثالث في مقدمة الواجب) * اختلفوا في وجود الملازمة بين وجوب الشئ ووجوب مقدماته على أقوال، ولا يخفى ان المراد بالمقدمة هنا ليس مطلق ما لا بد منه في وجود الشئ، حتى تشمل عدم الأضداد المقارن لوجود الشئ المطلوب، بل المراد منها ما وقع في طريق وجود الشئ وما كان متقدما عليه، سواء كان علة تامة أو ناقصة بتمام أقسامها من الشرط، وعدم المانع، وغيرهما