(المقام الثاني) في اجزاء امتثال الامر الظاهري عن الامر الواقعي، (وحيث) ينجر الكلام في آخر المسألة إلى كيفية الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري، فالأولى قبل الورود في تحقيقها ان نشير إشارة اجمالية إلى بعض وجوه الجمع بين الحكمين مما يناسب المقام.
فنقول: من الوجوه المذكورة في مقام الجمع بينهما ما ذكره شيخنا الأستاذ المحقق الخراساني في حاشيته على الرسائل، ومحصله ان للحكم مراتب أربعة، الاقتضاء، والانشاء، والفعلية، والتنجز، ولا يخفى ان التضاد بين الاحكام انما يكون بعد فعليتها و وصولها إلى المرتبة الثالثة أعني مرتبة البعث والزجر.
(إذا عرفت هذا فنقول): ان المحاذير المتوهمة في الباب انما تلزم لو قلنا بفعلية الحكمين معا، واما إذا قلنا ببقاء الحكم الواقعي بالنسبة إلى الجاهلين في مرتبة الانشاء، و كون البعث أو الزجر الفعلي على طبق ما أدت إليه الامارة أعني الحكم الظاهري فيرتفع المنافات بالكلية. (ثم شرع) (قده) في سد ثغور هذا الجواب بما لا حاجة لنا إلى بيانه فراجع (ومن الوجوه) المذكورة في مقام الجمع بينهما أيضا ما ذكره المحقق المذكور في الحاشية بنحو الاجمال والإشارة، وفي الكفاية بنحو التفصيل.
(وحاصله) ان معنى التعبد بخبر الواحد مثلا ليس انشاء احكام تكليفية على وفق المؤديات بان ينحل (صدق العادل) مثلا بعدد ما يؤدى إليها الامارة من الاحكام، فيكون النتيجة ثبوت الوجوب ظاهرا فيما إذا أدت إلى وجوب شئ، وثبوت الحرمة ظاهرا فيما إذا أدت إلى حرمة شئ، وهكذا، بل التعبد به انما يكون بجعل الحجية له، والحجية بنفسها حكم وضعي تنالها يد الجعل من دون أن يكون جعلها مستتبعا لانشاء احكام تكليفية بحسب ما أدى إليه الامارة، واثر الحجية المجعولة (كالحجية المنجعلة في القطع) هو تنجيز الواقع على فرض الإصابة وصحة الاعتذار على فرض الخطاء، وعلي هذا فليس هنا حكم تكليفي وراء الواقعيات فلا يلزم المحاذير (نعم) لو قيل باستتباع جعل الحجية لاحكام