يجب تحصيله، فإن كان مراد القائلين بوجوب المقدمة الموصلة فقط المعنى الأول، فيرد عليه ان هذا ليس تفصيلا جديدا في مسألة وجوب المقدمة بل هو نفس التفصيل الذي ذكره بعضهم أعني اختصاص الوجوب بالمقدمة السببية، فان المقدمة التي تكون موصلة في متن الواقع ويترتب عليها ذو المقدمة لا تنطبق الا على المقدمة السببية. (1) وان كان مرادهم المعنى الثاني بان يكون الواجب عبارة عن المقدمة المقيدة بوصف الايصال، ففيه انه يلزم على هذا ان يترشح من هذا الوجوب المقدمي وجوب مقدمي متعلق بذي المقدمة (2) فان تحصيل قيد الايصال لا يمكن الا باتيان ذي المقدمة، والالتزام بهذا المعنى مشكل جدا فتدبر.
الامر الخامس في تأسيس الأصل في المسألة (اعلم) ان نفس الملازمة بين وجوب الشئ ووجوب مقدماته مما لا تجرى فيها الأصول لعدم كونها حكما شرعيا حتى تجرى فيها البراءة، وعدم وجود حالة سابقة معلومة لوجودها أو عدمها حتى يجرى فيها الاستصحاب.
(واما نفس وجوب المقدمة) فقد يتوهم جريان الاستصحاب فيه من جهة ان المقدمة قبل وجوب ذيها لم تكن واجبة وبعده يشك في وجوبها فينفي باستصحاب العدم.
(وفيه اما أولا) فلان جريان الأصول العملية (التي منها الاستصحاب) يتوقف على ترتب اثر عملي عليها فإنها أصول وضعت لتعيين وظيفة من شك فيما يتعلق بعمله، ومفاد أدلتها هو وجوب البناء عملا على وفقها كما ربما يأتي في محله، ووجوب المقدمة أولا وجوبها لا يترتب عليه اثر عملي إذ العقل يحكم جزما بوجوب اتيان المقدمة وان ثبت عدم وجوبها