(وبالجملة) فمثال النذر لا يرتبط بما هو محل النزاع بين الصحيحي والأعمي، بل هو اشكال يرد على كلا القولين فلا بد ان يتصدى للجواب عنه. وما ذكر في الكفاية (من أن الفساد من قبل النذر لا ينافي صحة متعلقه) لا يفي بدفع الاشكال إذ الفرض تعلق النذر بترك ما هو من افراد المكتوبة ويكون صحيحة مرجوحة، والحنث لا يتحقق الا باتيان نفس ما تعلق النذر بتركه فلا يقع ما هو فاسد بالحمل الشايع مصداقا للحنث والحاصل أن النذر لم يتعلق بترك مفهوم الصحيح بل تعلق بترك ما هو مكتوب وصحيح بالحمل الشايع بمعنى كونه بوجوده مصداقا للصحيح وعلي هذا فلا يقع الفاسد مصداقا له.
(ويمكن ان يقال) ببطلان النذر في المثال من جهة ان صرف تفاوت افراد الطبيعة الراجحة في مرتبة الرجحان وكون بعضها مرجوحا بالقياس إلى غيره لا يكفى في صحة النذر، كيف! والا لزم صحة تعلق النذر بترك الصلاة في البيت مثلا من جهة ملازمته للاتيان بها في المسجد، وصحة تعلق النذر بتركها في مسجد السوق مثلا باعتبار ملازمته للاتيان بها في مسجد أفضل منه وهكذا، والالتزام بذلك مشكل. ولعل منشأ الاشتباه في المقام اطلاقهم لفظ الكراهة على الصلاة في الحمام مثلا فتوهم منه كون المراد بها المرجوحية الذاتية كما في سائر موارد الكراهة فتدبر.
(تتمه) ربما يذكر للنزاع في المسألة ثمرتان (الأولى) جريان البراءة فيما إذا شك في جزئية شئ للمأمور به أو شرطيته على الأعم، وعدم جريانها على الصحيح إذ لم يكن الجزء أو الشرط المشكوك فيه دخيلا في المسمى عرفا، وهذا بناء على التفصيل في جريان البراءة في المسألة، والقول بجريانها فيما إذا كان منشأ الشك عدم النص دون اجماله، فإنه على القول بالأعم لا يكون في الخطاب اجمال، وانما الشك في اعتبار قيد زائد، والمفروض عدم الدليل عليه، واما على القول بالصحيح فيكون نفس الخطاب مجملا.
(الثانية) انه على القول بالأعم يصح التمسك بالاطلاقات لنفى اعتبار ما زاد على المسمى دون القول بالصحيح إذ عليه يرجع الشك إلى أصل الصدق وهذا بعد تحقق شرائط التمسك بالاطلاق: من كون المتكلم في مقام البيان، وعدم العلم الاجمالي بورود التقييد أو انحلاله