لا يتحققان الا إذا لحظ المحمول بنحو الابهام حتى لا يأبى أن يكون تحصله بعين تحصل الموضوع، ولا يلزم في صحة الحمل تغاير الموضوع والمحمول، بل التغاير انما يعتبر لإفادة الحمل، فحمل الشئ على نفسه صحيح ولو لم يعتبر المغايرة بوجه، ولكنه غير مفيد إن لم يكن في البين مغايرة، وبعبارة أخرى ليست المغايرة من شرايط صحة الحمل بل من شرايط افادته.
(الامر الرابع) قد مر سابقا ان حمل عناوين المشتقات على المصاديق واجرائها عليها لا بد من أن كون باعتبار وجود حيثية وجهة صدق في هذه المصاديق تكون مفقودة في غيرها مما لا تحمل عليها: فحمل (العالم) على زيد مثلا متوقف على وجود حيثية العلم فيه ولا يشترط زائدا على ذلك كون تلك الحيثية من عوارض الموضوع وزائدة على ذاته.
(فعلى هذا) ان كانت هذه الحيثية عين ذات الموضوع كان صدق المشتق عليه بنحو الحقيقة أيضا، فصدق العالم والقادر وسائر الصفات الثبوتية على الله (تعالى) بنحو الحقيقة وان كان مباديها عين ذاته كما هو مختار اهل الحق خلافا للأشاعرة حيث توهموا ان الصفة يشترط فيها ان تكون من عوارض الموصوف، فحكموا بكون صفاته (تعالى) زائدة على ذاته وبكونها قديمة كذاته (تعالى) حتى لا يلزم خلوه عنها في زمان، وعلى قولهم تكون القدماء ثمانية، الذات وسبع من الصفات، وقد قال الإمام الرازي: ان علمائنا حكموا بكفر المسيحية لما اعتقدوه من الأقانيم الثلث وهم قد اختاروا كون القدماء ثمانية ومع ذلك يعدون أنفسهم موحدين. ولما رأى المعتزلة بطلان القول بتعدد القدماء كما هو مختار الأشاعرة، ولم يجوزوا القول أيضا بكونه تعالى في وقت من الأوقات جاهلا أو عاجزا مثلا، ولم يتصوروا أيضا ما هو الحق المحقق من كون صفاته عين ذاته، احتاجوا إلى القول بالنيابة فقالوا: ان صفاته حادثة وانه تعالى قبل حدوث هذه الصفات له وإن لم يكن موصوفا بهذه الصفات، ولكن ذاته كانت نائبة عن هذه الصفات فكانت الأشياء منكشفة له مثلا من دون ان يثبت له وصف العلم، قال في المنظومة:
والأشعري بازدياد قائلة وقال بالنيابة المعتزلة (والحق عندنا كما مر) ان صفاته عين ذاته وان صدق المشتقات عليه تعالى بنحو الحقيقة