* (الفصل السابع) * قد قسموا الواجب أيضا إلى المطلق والموقت، (فالمطلق) عبارة عن الواجب الذي لم يؤخذ فيه الزمان قيدا، وهذا كقول المولى لعبده: (اعط درهما) فان الامر قد تعلق بنفس الاعطاء من غير أن يقيد بصدوره في زمان خاص من جهة عدم دخالته في الغرض الباعث على الامر، وهذا لا ينافي احتياج الفعل إلى الزمان، لوضوح الفرق بين ملازمة الفعل للزمان وجودا وبين اخذه فيه قيدا من جهة دخالته في الغرض الموجب للامر به، فظرف الزمان في الواجب المطلق كسائر الخصوصيات الفردية الملازمة للطبيعة المأمور بها وجودا من غير أن يكون لها دخل فيه. (واما الموقت) فهو عبارة عن الواجب الذي اخذ فيه الزمان قيدا من جهة دخالته في الغرض.
" ثم إن الموقت أيضا " على قسمين فان الزمان المأخوذ قيدا اما أن يكون بقدر ما يحتاج إليه الفعل عقلا من غير زيادة ونقصان بحيث يكون الزمان كاللباس المخيط على قدر قامة الفعل، واما أن يكون أوسع مما يحتاج إليه عقلا، (فالأول) يسمى بالمضيق كقوله:
(صم من الفجر إلى المغرب)، (والثاني) يسمى بالموسع كقوله: أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل. (ثم انك) قد عرفت (في مبحث الضد) ان التخيير بين الافراد التدريجية في الواجب الموسع ليس تخييرا شرعيا بل هو تخيير عقلي، فقوله مثلا: أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ليس مساوقا لان يقول: صل في الآن الأول أو في الآن الثاني أو في الآن الثالث إلى آخر آنات الزمان حتى يكون ذكر الزمان الوسيع بمنزلة التخيير الشرعي بين الافراد التدريجية التي يمكن وقوعها فيه وان كان قد يتوهم ذلك، بل معنى قوله: أقم الصلاة (الآية) انه يجب عليك ايجاد طبيعة الصلاة المقيدة بوقوعها بين الحدين (أعني من الظهر إلى الغروب) وهذه الطبيعة المقيدة كما أن لها افرادا دفعية، كذلك لها افراد تدريجية ولكن المولى لم يلاحظ هذه الافراد بل لاحظ امرا وحدانيا يكون تمام المحصل لغرضه وجعل هذا الامر الوحداني متعلقا لطلبه، وهذا الامر عبارة عن طبيعة الصلاة المقيدة