المقصد الثاني في النواهي وفيه فصول (الفصل الأول) في بيان مفاد النهى، قال في الكفاية ما حاصله: ان الامر والنهى يشتركان في كونهما للطلب غاية الامر ان المتعلق للطلب في الأوامر هو وجود الطبيعة وفي النواهي عدمها، فاختلافهما انما يكون بحسب المتعلق لا بحسب الحقيقة لكون كليهما بحسب الحقيقة من مقولة الطلب (ثم قال): ان متعلق الوجود في الأوامر و متعلق العدم في النواهي أيضا امر واحد وهو الطبيعة الواقعة بعدهما، غاية ما في الباب انه انه لما كان وجود الطبيعة بوجود فرد ما وانعدامها بانعدام جميع الافراد، فلا محالة كان تحقق الامتثال في الأوامر باتيان فرد ما وفي النواهي بترك جميع الافراد (انتهى).
(أقول) يترتب على كلامه " قده " لوازم فاسدة لا يلتزم بها أحد: (منها) ان مقتضى ما ذكره أن يكون للنهى المتعلق بالطبيعة عصيان واحد وهو الاتيان بأول فرد من افرادها من دون أن يكون الفرد الثاني أو الثالث وهكذا محققا لعصيان آخر، والالتزام بذلك مما يعد عند العقلاء مستنكرا (بيان ذلك) ان النهى ان كان عبارة عن طلب ترك الطبيعة كان المتعلق للطلب أعني ترك الطبيعة امرا وحدانيا إذ العدم غير قابل للكثرة فإنه عبارة عن نفس اللا شيئية التي هي خيال محض، وما هو المتكثر انما هو وجود الطبيعة فإنها موجودة في الخارج بنعت الكثرة.
(وبالجملة) ترك الطبيعة امر واحد ويكون نفس أمريته بانعدام جميع الافراد و مخالفته بايجاد فرد ما، فلو كان النهى عبارة عن طلب ترك الطبيعة لزم أن يكون له مخالفة واحدة وعصيان واحد وهو الاتيان بأول فرد من افراد الطبيعة من دون ان يقع الاتيان بالفرد الثاني أو الثالث عصيانا له، وهذا امر مخالف لما يحكم به العقلاء في باب النواهي فإنهم يرون الاتيان بكل فرد من افراد الطبيعة المنهى عنها عصيانا على حدة.
(ومنها) ان مقتضى ما ذكره أن يكون للنهى المتعلق بالطبيعة امتثال واحد وهو ترك جميع الافراد، وهذا أيضا مخالف لحكم العقلاء فان المكلف ان اقتضى شهوته