اثبات الانسانية للانسان واثبات النطق له ثانيا.
(ثم إنه) يلزم على القول بأخذ مصاديق الشئ في المشتقات كون الوضع فيها عاما والموضوع له خاصا، فان مصاديق الشئ أمور غير متناهية لا يمكن لحاظها حين الوضع الا بعنوان جامع، والفرض ان ألفاظ المشتقات موضوعة لذوات المصاديق فيلزم ما ذكر.
(واعلم) ان صاحب الكفاية (قده) بعد تصديقه بساطة مفهوم المشتق قد هدم أساسها عند قوله (ارشاد) حيث قال فيه ما حاصله: ان بساطة مفهوم المشتق لا تنافى كونه مركبا بالتحليل العقلي، فان المعنى الواحد البسيط قد يحلله العقل إلى اجزاء فإنه فاتق كل جمع ورتق (انتهى).
(أقول): ان النزاع بين المحقق الشريف وبين خصمه ليس في بساطة مفهوم المشتق و تركبه عند النظر إليه اجمالا، بل في بساطته وتركبه عند التحليل العقلي والنظر الدقيق الفلسفي كيف! ولا ينسب إلى البلهاء أيضا النزاع في أن مفهوم المشتق هل هو بسيط أو مركب عند النظر الاجمالي والمسامحي، فكيف ينسب إلى المحققين والمدققين.
الامر الثاني بعد ما ذكر من عدم اخذ الذات ولا النسبة في مفاهيم المشتقات وكونها دالة على نفس حيثية المبدأ بقي وجه الفرق بينها وبين المبادئ، ووجه صحة حملها على الذوات وعدم صحة حمل المبادئ عليها مع كونهما بمعنى واحد. وقد ذكروا في بيان الفرق بينهما ان مفهوم المشتق وان كان متحدا مع مفهوم المبدء بحسب الحقيقة ولكن يفترقان بحسب الاعتبار، فمفهوم المشتق قد اخذ لا بشرط ومفهوم المبدأ مأخوذ بشرط لا، وصرحوا بان المراد من اللا بشرطية والبشرط لائية هنا انما يكون بحسب الحمل.
أقول: ليس المراد منهما هاهنا ما ذكروه في باب اعتبارات الماهية: من أنها قد تؤخذ بشرط لا وقد تؤخذ بشرط شئ وقد تؤخذ لا بشرط، بل المقصود هنا ما ذكروه في بيان الفرق بين الجنس والفصل وبين المادة والصورة، من اخذ الأولين لا بشرط والأخيرتين بشرط لا. فالأولى عطف عنان الكلام إلى بيان ما ذكروه في ذلك المقام حتى يتضح به ما نحن فيه، فنقول