انا لا نسلم توقف الاذعان والاعتقاد بثبوت شئ على ثبوت هذا الشئ في الواقع، إذ الاذعان بالشئ ليس إلا عبارة عن القطع به، فهو ينحل إلى القطع وإلى شئ تعلق القطع به، اما القطع فهو حالة نفسانية لا يتوقف حصولها على ثبوت شئ خارجا، واما الشئ فهو هو، ولا معنى لتوقفه على نفسه. ثم لا يخفى ان الدلالة التصديقية بالمعنى الذي ذكرناه أخص مما ذكره (قدس سره) فان ما ذكرناه لا يجرى الا فيما وضع بداعي العمل التصديقي كهيئة الجمل، واما ما ذكره (قده) فيجرى في التصورات أيضا كما لا يخفى.
الامر السادس اعلم أنهم قسموا اللفظ إلى المفرد والمركب، فالمركب ما أريد بجزء منه الدلالة وعلى جزء من المعنى، والمفرد بخلافه (أقول) لا يخفى عدم صحة هذا التقسيم، إذ الوحدة معتبرة في الأقسام، وليس المركب من لفظين مثلا لفظا واحدا بل كل واحد منهما لفظ مستقل له معنى فمثل (عبد الله) بالمعنى الإضافي ليس مصداقا واحدا للفظ، بل يكون هنا لفظان كل منهما يدل على معنى مستقل وهيئة لها أيضا وضع نوعي.
(نعم) هو بالمعنى العلمي اعتبر لفظا واحدا، ولذا يكون له معنى واحد. وبما ذكرنا يظهر انه ليس للمركب بما هو مركب وضع على حدة وراء وضع المواد والهيئة، إذ ليس هو شيئا بحياله ولفظا خاصا ورائها حتى يثبت له وضع على حدة.
الامر السابع في علائم الحقيقة والمجاز لا يخفى انه بناء على ما ذكرناه سابقا لا يكون الاستعمال المجازى استعمال للفظ في غير ما وضع له، بل يكون مستعملا في نفس ما وضع له، ولكنه توسط في البين ادعاء كون المراد الجدي عين ما وضع له أو من افراده، فيكون الذهن منتقلا من الموضوع له إلى شئ آخر