* (الفصل الثامن) * اختلفوا في أن الأوامر تتعلق بالطبائع أو بالافراد، " ولا يخفى " ان النزاع ليس لفظيا لغويا، بل النزاع انما هو في أن متعلق الحكم هو الطبيعة أو الافراد. (والظاهر) ان مراد القائلين بتعلقها بالافراد ان الطبيعة التي توجد في الخارج مع جميع مشخصاتها تكون مطلوبة للمولى بحيث تكون الخصوصيات المفردة أيضا دخيلة في متعلق الطلب، ومراد القائلين بتعلقها بالطبائع ان ما هو تمام المتعلق لإرادة المولى وطلبه عبارة عن الحيثية التي هي ملاك صدق الطبيعة بحيث لو وضعنا الفرد الذي يوجده المكلف تحت الميكرسكب العقلي وجزيناه وفككنا الحيثية التي هي ملاك صدق الطبيعة الواقعة تحت الامر من سائر الحيثيات المجتمعة معها وجودا كان المصداق للامتثال هو تلك الحيثية دون سائر الحيثيات بل كانت هي كالحجر الموضوع بجنب الانسان بحيث لو قدر المكلف على ايجاد هذه الحيثية منفكة من كافة الحيثيات المشخصة والخصوصيات المفردة كان ممتثلا وآتيا بما هو متعلق لطلب المولى.
(إذا عرفت هذا فنقول): ان كان مراد المتخاصمين ما ذكرنا فالحق مع الطائفة الثانية القائلين بتعلقها بالطبائع " بيان ذلك " ان للطلب الصادر عن المولى ثلاث إضافات:
إضافة إلى من يصدر عنه (أعني الطالب) من جهة صدوره عنه وكونه فعلا من أفعاله، وإضافة إلى من يتوجه إليه (أعني المطلوب منه)، وإضافة ثالثة إلى ما يتعلق به (أعني المطلوب الذي هو عبارة عن فعل المكلف)، واحتياج الطلب في تحققه إلى تلك الإضافات الثلثة مما لا شك فيه. " ثم إن " المتعلق للطلب لا بد من أن يكون امرا موجودا ولكن لا بالوجود الخارجي والا لزم طلب الحاصل بل بالوجود الذهني.
(وبعبارة أخرى) متعلق الطلب يشتمل على واجدية وفاقدية: واجدية للتحصل الذهني وفاقدية للتحصل الخارجي، فطلب المولى يتعلق بامر موجود في الذهن ولكن لا بقيد وجوده فيه، إذ الطلب انما يكون بداعي ايجاده في الخارج، والمقيد بالوجود الذهني