كذلك وان جاز عند من يرى الاستعمال من باب جعل اللفظ علامة للمعنى لا من باب افناء اللفظ فيه، ولكن لا يجرى هذا الكلام في الحروف، لما عرفت من عدم كون معانيها ملحوظة بنحو الاستقلال، بل هي معان ربطية مندكة في الطرفين بحسب اللحاظ، بمعنى أن لحاظ المعنى الحرفي بلحاظ طرفيه، وحيث إنه تعدد الأطراف هنا بتعدد المستثنى منه صار مرجع استعمال أداة واحدة في الاخراج من جميعها إلى لحاظ حقيقة واحدة ربطية بنحو الاندكاك والفناء في هذا الطرف تارة وفي ذاك الطرف أخرى، ومقتضى ذلك كون حقيقة واحدة ربطية في عين وحدتها حقائق ربطية متكثرة، وهذا امر مستحيل (1).
* (فصل) * اختلفوا في جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد، فذهب المحققون إلى جوازه، واستدلوا عليه باستقرار سيرة الأصحاب من زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى زماننا هذا على العمل بالخبر الواحد، مع أنك لا تجد خبرا الا ويوجد على خلافه عام كتابي، ولم يرد عن صاحب الشرع ولا عن أئمة أهل البيت عليهم السلام ردع عن هذه السيرة.
" وذهب " جماعة إلى المنع واستدلوا عليه بوجوه أربعة: (الأول) ان الكتاب مقطوع به صدورا والخبر مظنون سندا فلا يرفع به اليد عن المقطوع به.
(الثاني) انه لو جاز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد لجاز نسخه به أيضا، والتالي باطل بالاجماع فالمقدم مثله. (الثالث) ان حجية الخبر ثابتة بالاجماع، ولا اجماع على العمل به في عرض الكتاب. (الرابع) الاخبار الكثيرة الدالة على أن ما خالف القرآن يجب طرحه، أو انه زخرف، أو نحو ذلك هذا.