فيها في اعصار الجاهلية أيضا. غاية الامر ان ما هو مصداق لهذه الطبيعة بنظر شارع الاسلام مغاير لما في سائر الأديان، فانظر إلى قوله (تعالى) (وما كان صلاتهم عند البيت الا مكاء وتصدية) حيث سمى ما كان يصدر عنهم بقصد التوجه المخصوص التي المولى صلاة، غاية الامر انه (تعالى) خطأهم في اتيان ما يشبه اللهو بعنوان الصلاة، (وقال) (تعالى) أيضا حكاية عن عيسى (ع) (وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا).
(وكذلك) لفظ الصوم والحج ونحوهما كما يظهر ذلك بمراجعة الآيات والاخبار (وبالجملة) كان سنخ هذه العبادات متداولا في اعصار الجاهلية أيضا، وكان يستعمل فيها هذه الألفاظ المخصوصة، وعلى طبقها أيضا جرى استعمال الشارع، غاية الامر انه تصرف في كيفيتها واجزائها وشرائطها كما ثبت ذلك بالدلائل الخاصة، هذا بالنسبة إلى نفس هذه العبادات، واما الألفاظ المستعملة في اجزائها (كلفظ الركوع والسجود والقيام ونحوها) فلا اشكال في كون الاستعمال فيها بلحاظ معانيها اللغوية الأصلية بلا تصرف أصلا كما لا يخفى.
الامر التاسع في الصحيح والأعم لا يخفى ان الصحة (لغة) بمعنى التمامية، ويقابلها الفساد نحو تقابل العدم والملكة ويعبر عنهما بالفارسية (درست ونادرست)، ولا يوصف بهما العناوين والمفاهيم بما هي هي) إذ لا معنى لفساد المفهوم في عالم المفهومية فان كل مفهوم وعنوان هو هو ويحمل على نفسه بالحمل الأولى. واتصافه بالفساد وعدم التمامية انما هو بان لا يكون هذا العنوان هذا العنوان، وهو يساوق سلب الشئ عن نفسه ولا يوصف بهما الوجودات الخارجية أيضا بلحاظ ذواتها التي هي من سنخ الوجود، (وانما) يتصف بهما الموجودات بالقياس إلى العناوين الخاصة المترقب انطباقها عليها، فالموجود الخارجي من افراد الدواء أو الثمرة مثلا ربما يتصف بالصحة، وربما يتصف بالفساد ولكنه لا بلحاظ هذا الوجود بما أنه وجود خارجي بل بالقياس إلى العنوان الذي يترقب انطباقه عليه، ليترتب عليه آثار هذا العنوان، (فان وجد) بنحو ينطبق عليه هذا العنوان ويترتب عليه اثره اتصف هذا الموجود بالصحة،