* (فصل) * هل يجوز التمسك بالعام قبل الفحص عن المخصص أو لا؟ فيه خلاف، وأول من عنون المسألة أبو العباس بن سريج (المتوفى في أوائل المئة الرابعة من الهجرة) وكان هو يقول بعدم الجواز، واستشكل عليه تلميذه أبو بكر الصيرفي بأنه لو لم يجز ذلك لما جاز التمسك بأصالة الحقيقة أيضا قبل الفحص عن قرينة المجاز (انتهى).
ولا بد قبل الشروع في تحقيق المسألة من ذكر أمور: (الأول) ان القدماء من الأصوليين كانوا يعنونون في كتبهم مسألة أخرى بهذا العنوان: هل يجوز اسماع العام المخصص بدون ذكر مخصصاته أو لا؟ (والظاهر) ان النزاع في المسألة الأولى كان مرتبطا بالنزاع في المسألة الثانية، فمن كان يقول في المسألة الثانية بجواز اسماع العام بدون اسماع مخصصه كان يقول في المسألة الأولى بوجوب الفحص، ومن كان يقول في المسألة الأولى بعدم وجوب الفحص كان يقول في المسألة الثانية بعدم جواز اسماعه بدون اسماع المخصص، (ولعل) نظر من ادعى الاجماع على وجوب الفحص إلى أن وجوبه على فرض جواز اسماع العام بدون اسماع المخصص مجمع عليه (الثاني) ان النزاع في المسألة كما في الكفاية انما هو بعد الفراغ من كون أصالة العموم حجة من باب الظن النوعي لا الشخصي، وكونها معتبرة من باب الظن الخاص لا من باب الظن المطلق، وبعد عدم وجود علم تفصيلي أو اجمالي بالتخصيص، ووجه اعتبار القيود الثلثة واضح.
(الثالث) ان النزاع لا ينحصر في العمل بالعام قبل الفحص، بل يجرى في العمل بكل دليل لفظي قبل الفحص عما يعارضه ويزاحم ظهوره، بل يمكن ان يقال بجريانه في كل أصل لفظي أو عملي فلا يجوز العمل به قبل الفحص عن مزاحماته، ولا خصوصية لباب العمومات، وما نذكره دليلا لوجوب الفحص يجرى في جميع الأصول اللفظية والعملية، فملاك الفحص ومقدار وجوبه في جميع ذلك واحد فتدبر.
(إذا عرفت هذا فنقول): قال شيخنا الاستاد " قده " في الكفاية ما حاصله: ان التحقيق عدم جواز التمسك بالعام قبل الفحص إذا كان في معرض التخصيص كما هو الحال في عمومات