كالتضرع والدعاء لنفس الغنى ووالديه مثلا، وهذا القسم من الطلب يسمى التماسا أو دعاء.
فعلى هذا حقيقة الطلب على قسمين، غاية الامر ان القسم الأول منه (أي الذي يسمى بالأمر) حق من كان عاليا ومع ذلك لو صدر عن السافل بالنسبة إلى العالي كان امرا أيضا ولكن يذمه العقلاء على طلبه بالطلب الذي ليس شأنا له فيقولون: أتأمره، كما أن القسم الثاني يناسب شأن السافل، ولو صدر عن العالي أيضا لم يكن أمرا فيقولون لم يأمره بل التمس منه ويرون هذا تواضعا منه. (وبالجملة) حقيقة الطلب منقسمة إلى قسمين: طلب يسمى امرا وطلب يسمى التماسا أو دعاء (1) والقسم الأول منه يناسب العالي لا ان كون الطالب عاليا مأخوذ في مفهوم الامر حتى يكون معنى آمرك بكذا، اطلب منك وانا عال.
المبحث الثالث في حقيقة الطلب وانه هل يكون متحدا مع الإرادة أو مغايرا لها، وقد ذكر في الكفاية في هذا لا مقام مسألة كون المادة موضوعة للوجوب أو الندب، ولكنا نؤخرها إلى المبحث الرابع لتوقفها على فهم حقيقة الطلب. ولا بد لنا قبل الخوض في المقصود من بيان ما هو مطرح انظار الأشاعرة والمعتزلة في النزاع في هذه المسألة، والإشارة الاجمالية إلى مبدأ وجود مذهبي الاعتزال والأشعرية، (فنقول) قد كان البحث عن ذات الباري تعالى وحقائق صفاته دائرا بين حكماء العجم والروم بل سائر الناس قل ظهور الاسلام، ولكن طلوع نير الاسلام قد جب هذه المباحث فكان الصحابة رضوان الله عليهم يتلقون معتقداتهم في تلك المسائل بنحو الاندماج من النبي صلى الله عليه وآله والقرآن إلى زمان التابعين، وفي زمنهم قد كثر القتال بين المسلمين وبين الكفار واختلط المسلمون بالاسراء من الكفار، فألقى تلك الاسراء ما كانوا يعلمونه من قبل، (2) في مجالس المسلمين ومحافلهم، وتلقاه المسلمون