وكن منه على ذكر حتى يتبين لك عدم الاحتياج إلى تصوير الواجب المعلق بمعنى ذكره صاحب الفصول (قال ره) بعد ما قسم الواجب إلى المطلق والمشروط (ما حاصله بتوضيح منا):
انه ينقسم الواجب باعتبار آخر إلى ما يتعلق وجوبه بالمكلف ولا يتوقف حصوله على أمر غير مقدور له كالمعرفة وليسم منجزا، وإلى ما يتعلق وجوبه به ويتوقف حصوله على امر غير مقدور له وليسم معلقا كالحج، فان وجوبه يتعلق بالمكلف من أول زمن الاستطاعة أو خروج الرفقة ولكن يتوقف فعله على مجئ وقته وهو امر غير مقدور للمكلف (والحاصل) ان الواجب المعلق ما كان حصوله متوقفا على أمر غير مقدور للمكلف كالوقت من غير أن يكون الوجوب مشروطا به، فالوجوب بالنسبة إلى هذا الامر مطلق والواجب مقيد.
(فان قلت): الفعل المقيد بوقت استقبالي كيف يكون واجبا مطلقا قبل حصول وقته مع كونه تكليفا بما لا يطاق فان الفعل المقيد بوقت استقبالي لا يمكن تحصيله قبل ذلك الوقت فكيف يتعلق الوجوب به قبله (قلت): ليس مرادنا من ثبوت الوجوب قبل الوقت كون الزمان القبل ظرفا للوجوب والفعل كليهما، بل المراد كونه ظرفا للوجوب فقط فالوجوب حالي والواجب استقبالي. (فان قلت): إذا كان الوجوب متعلقا بأمر مقيد بوقت استقبالي فإن كان الوجوب مشروطا بحصول الوقت وادراك المكلف إياه جامعا لشرائط التكليف فهذا معنى كون الوجوب مشروطا بالوقت بحيث لا يكون وجوب قبله وهذا خلاف ما فرضتموه من كون الوجوب حاصلا قبل الوقت، وان كان الوجوب مطلقا ثابتا على أي حال من دون أن يكون مشروطا بالوقت غاية الامر كون متعلقه امرا استقباليا كان لازم ذلك ثبوت الوجوب حتى بالنسبة إلى من لا يدرك الوقت أو يدركه غير قادر على الفعل.
(قلت): الوجوب بالنسبة إلى نفس الوقت مطلق غير مشروط به فهو حاصل قبله، ولكنه مشروط بأمر انتزاعي ينتزع عن ادراك المكلف الوقت واجدا لشرائط التكليف، وهذا الامر الانتزاعي مقارن للوجوب وان كان المنتزع عنه متأخرا عنه (وبعبارة أخرى) ما هو شرط للوجوب ليس هو الوقت بل هو عبارة عن كون المكلف بحيث يدرك الوقت قادرا على العمل فمن لا يدرك الوقت أو يدركه عاجزا عن العمل لم يتوجه إليه الوجوب