متفق عليها بين القوم: (منها) انه لو تركه الجميع لكانوا معاقبين بأجمعهم، (ومنها) انه يمتثل بفعل واحد منهم. (والحاصل) ان الواجب الكفائي عبارة عما وجب على جماعة بحيث ان أتى به واحد منهم سقط من غيره، وان تركه الجميع عوقبوا بأجمعهم، وقد صار تصويره من المشكلات عندهم حيث أرادوا تصويره بنحو ينطبق عليه التعريف الذي ذكروه لمطلق الواجب أعني ما يكون في فعله الثواب وفي تركه العقاب، (فقال بعضهم): ان المكلف في الواجب الكفائي عبارة عن المجموع من حيث المجموع لا كل واحد مستقلا، وعلي هذا فيتحقق فعل المجموع بفعل واحد منهم وتركه بترك الجميع، (وقال بعضهم): ان المكلف عبارة عن أحد المكلفين لا على التعيين، (وقال آخرون): ان المكلف عبارة عن كل واحد واحد مستقلا ولكن اتيان البعض يوجب سقوطه من الجميع، هذا ما ذكروه في تصوير الواجب الكفائي (ويرد على الأول) ان المجموع من حيث المجموع أمر اعتباري لا حقيقة له وراء الآحاد فلا يمكن ان يتوجه إليه الطلب، إذ الطلب انما يتوجه إلى الانسان العاقل القادر المختار، ولا يصدق على المجموع من حيث المجموع هذه العناوين.
(ويرد على الثاني) ان المراد من الأحد ان كان مفهوم الأحد، (ففيه) ان المفهوم غير قابل لان يتوجه إليه التكليف، وان كان المراد به الفرد المردد بحيث يكون توجه التكليف إلى المكلفين توجها ترديديا بالتردد الواقعي نظير ما ذكر في الواجب التخييري: من أن البعث يتعلق بكلا الامرين على نحو التردد الواقعي (ففيه) ان البعث لا يعقل ان يتوجه إلى الفرد المردد، إذ الغرض من البعث هو الانبعاث ولا بد في تحققه من تعين المبعوث.
(ويرد على الثالث) ان الغرض من الواجب ان كان يحصل بفعل الواحد فلا وجه لتوجه التكليف إلى الجميع، وان كان لا يحصل الا بفعل الجميع فكيف يسقط بفعل الواحد.
" والتحقيق ان يقال في تصويره ":
ان الوجوب (مطلقا) له إضافة إلى من يصدر عنه (أعني الطالب)، وإضافة أخرى إلى من يتوجه إليه (أعني المطلوب منه)، وإضافة ثالثة إلى ما يتعلق به (أعني المطلوب)، والفرق بين العيني والكفائي ليس في المطلوب منه كما هو مقتضى التصويرات الثلثة بل الفرق بينهما في المطلوب، فالمطلوب في الوجوب الكفائي هو نفس الطبيعة المطلقة الغير المقيدة بصدورها عن هذا الشخص،