لا مبهمة فلا نحتاج إلى اجراء مقدمات الحكمة فيها، وسيأتي تحقيقه في مبحث المطلق والمقيد.
(ثم إن الأظهر) في " لا " التي لنفى الجنس عدم الاحتياج إلى الخبر كما افاده سيبويه، فان المتبادر من نحو (لا رجل) انما هو نفى طبيعة الرجل لا نفى الوجود عنها، ويعلم ذلك بملاحظة مراد فها في الفارسية حيث يعبرون عنها بقولهم (نيست مرد) ولا يقولون (نيست مرد موجود).
(فان قلت): الطبيعة من حيث هي ليست الا هي، لا موجودة ولا معدومة.
(قلت): مرادهم بهذا الكلام ان الوجود والعدم ليسا في مرتبة ذات الطبيعة بحيث يحملان عليها بالحمل الأولى، والا فهي بالحمل الشائع اما موجودة أو معدومة.
(فان قلت): كلمة لا من الحروف، والحروف وضعت للارتباطات، والربط لا يتحقق الا بين شيئين، فنحتاج في نحو لا رجل إلى تقدير خبر.
(قلت) يمكن ان يقال: ان مفاد لا في هذه المقامات هو النفي بالمعنى الاسمي فإنه المتبادر منها.
* (فصل) * هل العام المخصص حجة فيما بقي أولا؟ (فيه أقوال)، (منها) الحجية مطلقا، (ومنها) التفصيل بين التخصيص بالمتصل والتخصيص بالمنفصل فيقال: بالحجية في الأول دون الثاني، إلى غير ذلك من الأقوال. (واحتج من نفى الحجية) بان اللفظ إذا كان له مجازات متعددة وأقيمت قرينة تصرف عن المعنى الحقيقي احتجنا في حمله على إحديها إلى قرينة معينة، ولو لاها صار اللفظ مجملا إذ حمله على إحديها (من دون قرينة تعينها) ترجيح بلا مرجح، فالعام المخصص إذا لم يقم قرينة على المراد منه كان حمله على تمام الباقي بلا معين فإنه أحد المجازات لتعددها حسب مراتب التخصيص (انتهى).
(وأجيب عنه بوجوه: الأول) ان تمام الباقي أقرب المجازات فيقدم على غيره.
(وأورد عليه في الكفاية) بأنه لا اعتبار بالأقربية بحسب المقدار، وانما المدار في باب المجازات على الأقربية بحسب زيادة الانس الناشئة من كثرة الاستعمال.