* (الفصل الخامس) * هل يجوز أن يأمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه أولا؟، قد صارت هذه المسألة معركة لآراء المتأخرين، وهذا العنوان بظاهره غير قابل للنزاع، إذ المراد بالشرط كما صرحوا به شرط الامر والوجوب فيصير محصل النزاع (على هذا) أنه هل يجوز وجود المشروط بدون وجود شرطه، وهذا امر لا يبحث فيه عاقل. (والظاهر) أن المسألة انحرفت من اصلها، وقد كان النزاع (في الأصل) في أن الشئ المستقبل إذا كان في ظرف وجوده فاقدا لشرط الوجوب فهل يمكن ان يؤمر به قبل وقته مع العلم بكونه في ظرف وجوده فاقدا لشرط الوجوب أولا؟ " وبعبارة أخرى " هل يجوز أن يأمر المولى بالشئ المستقبل الذي يصير في ظرف وجوده فاقدا لشرط الوجوب مع علمه بذلك؟ وذلك بان يأمر به قبل حضور وقت العمل ثم ينسخه عند حضور وقته من جهة كون شرط الوجوب مفقودا عنده.
(ويدلك على ما ذكرناه) ان القائلين بالجواز استدلوا بامر الله (تعالى) إبراهيم عليه السلام بذبح ولده مع نسخه قبل العمل.
(والقائلون بالجواز) هم الأشاعرة، وبالامتناع المعتزلة، والمسألة مبتنية على اثبات الكلام النفسي أو ابطاله، (فالأشاعرة) لما اثبتوا صفة نفسانية في قبال العلم و الإرادة والكراهة، مسماة بالكلام النفسي في الاخبارات، وبالطلب الحقيقي أو الزجر الحقيقي في الأوامر والنواهي، التزموا فيما نحن فيه بالجواز، بتوهم ان الفعل الذي انتفى شرط وجوبه وإن لم يعقل تعلق الإرادة به مع العلم بذلك، ولكنه لا مانع من أن يتعلق به الطلب النفسي قبل حضور وقته. (واما المعتزلة) فلما لم يفرضوا في النفس صفة أخرى وراء العلم والإرادة والكراهة، فلذلك التزموا (فيما نحن فيه) بالامتناع بداهة أن الإرادة لا يمكن ان تتعلق بما يعلم بانتفاء شرط وجوبه في ظرف وجوده.
الفصل السادس في الواجب الكفائي (اعلم) ان من أقسام الواجب ما يسمى (في اصطلاحهم) بالواجب الكفائي، وله احكام