(وفي الكفاية) لم يجعل الميزان ما له عنوان وما ليس له عنوان، بل قال ما حاصله: ان ما ذكرناه من عدم جواز التمسك بالعام انما هو في المخصصات اللفظية، واما اللبية فإن كان المخصص من الاحكام البديهية للعقل بحيث يكون كالمتصل بالعام كان حكمه حكم المخصصات المتصلة في عدم جواز التمسك، وإن لم يكن كذلك فالحق فيه جواز التمسك (والوجه في ذلك) ان في اللفظيات قد القى المولى بنفسه حجتين، وبعد تحكيم الخاص وتقديمه في الحجية بالنسبة إلى ما يشمله واقعا يصير العام كأنه كان مقصور الحجية من أول الامر و كأنه لم يكن بعام، وهذا بخلاف المخصصات اللبية فان الملقى فيها من قبل المولى حجة واحدة وهي العام فيجب العمل به ما لم يقم حجة أقوى، الا ترى أنه إذا قال المولى أكرم جيراني وترك المكلف اكرام واحد منهم باحتمال عداوته للمولى صح للمولى مؤاخذته وعقوبته كما لا يخفى على من راجع السيرة والطريقة المألوفة بين العقلاء التي هي ملاك حجية أصالة الظهور (انتهى).
فقد ظهر لك ان الشيخ (قده) لم يفرق بين اللفظي واللبي بما هما كذلك، بل فرق بين ما إذا كان للمخصص عنوان وبين غيره، واما في الكفاية فجعل ملاك الفرق كون المخصص لفظيا أو لبيا، وغاية ما تمسك به للفرق بالآخرة هي السيرة.
(أقول): وفي كلامهما نظر (اما كلام الشيخ) فلان المخصص إذا لم يكن له عنوان فكيف يتصور له شبهة مصداقية، بل الامر يدور (ح) بين قلة التخصيص وكثرته فيخرج من محل الكلام (واما كلام صاحب الكفاية) فلانا لا نتصور الفرق بين كون المخصص لفظيا وبين كونه لبيا بعد كون اللبي أيضا حجة، لان رفع اليد عن العام بسبب المخصص اللبي ليس إلا لكونه حجة أقوى من العام، و (ح) فيصير العام بسببه مقصور الحجية على ما بقي مثل ما ذكر في المخصص اللفظي طابق النعل بالنعل (وبالجملة) أي فرق بين ان يصدر نحو لا تكرم أعداء المولى عن نفس المولى وبين ان يحكم به العقل، بعد فرض حجيته على التقديرين، وأقوائيته من العام، وكون المراد من المخصص (كيف ما كان) افراده الواقعية لا العلمية فقط - هذا.
" ولقائل أن يقول ": ان للحجية (كما ذكرنا سابقا) مرتبتين: (الأولى) حجية نفس