* (تذنيبات) * (الأول) قد عرفت أن حقيقة الامر هو البعث نحو متعلقه باعتبار اشتماله على المصلحة، وحقيقة النهى الزجر عن المتعلق باعتبار اشتماله على المفسدة، (فحينئذ نقول): انه من الممكن ان يصير عدم خاص باعتبار مقارناته معنونا بعنوان حسن ذي مصلحة، فيكون المقام مقام الامر بهذا العدم والبعث نحوه، وذلك كالصوم الذي حقيقته الامساك وهو امر عدمي، فتدبر حتى لا يختلط عليك الامر وتميز هذا السنخ من الواجبات من المنهيات.
(الثاني) قد ظهر لك مما ذكرنا سقوط النزاع في كون النهى متعلقا بالترك أو الكف من اصله وأساسه، إذ النهى (كما حققنا) عبارة عن الزجر، ومتعلقه نفس الوجود، والعقل وان كان ينتزع عن هذا الزجر عن الوجود بعثا متعلقا بنقيضه، ولكن النقيض للوجود هو العدم المطلق لا العدم المقيد بكونه ملازما للميل إلى الوجود كما هو مفاد الكف.
(الثالث) قد يتوهم ان النهى مثل الامر ينقسم إلى تعبدي وتوصلي وهو توهم فاسد، إذ النهى انما يتعلق بوجود الطبيعة، وقد عرفت أن نفس أمريته عصيان له، ولا يعقل ان يقع متعلقه مصداقا لامتثاله، وحقيقة التعبدية هي كون المتعلق للتكليف مقيدا بصدوره بداعي هذا التلكيف المتعلق به، فيشترط في تحققها كون المتعلق بتحققه مصداقا للامتثال كما في الأوامر لا للعصيان كما في النواهي.
فصل في اجتماع الامر والنهى قد عرفت أن مفاد الامر هو البعث نحو وجود الطبيعة المحبوبة، ومفاد النهى هو الزجر عن وجود الطبيعة المبغوضة، والامر يحتاج في تحققه إلى ثلثة أشياء: الطالب، والمطلوب، والمطلوب منه، كما أن النهى أيضا يتقوم بثلث إضافات: إضافة إلى الزاجر، وإضافة إلى إلى الطبيعة المزجور عنها، وإضافة ثالثة إلى المكلف المزجور.
(إذا عرفت هذا فنقول): من الواضحات عند العقل والعقلاء انه يمتنع ان يصدر