وعلى الثالث فاما أن يكون المضطر إليه من تتمة ما يختاره، واما أن يكون فردا آخر في قباله، فالصور أربعة، (فالأولى) كأكل الطعام المباح الذي يؤدي إلى المرض والاضطرار إلى شرب الخمر لدفعه. (والثانية) كقتل النفس المحترمة المؤدى إلى اخذه وحبسه في المحبس الغصبي (والثالثة) كالدخول في الدار المغصوبة بالاختيار المؤدى إلى الاضطرار إلى التصرف الخروجي.
(والرابعة) كالتصرف في مال الغير المؤدى إلى اخذه وحبسه في المحبس الغصبي.
(وفي جميع هذه الصور) اما أن يكون حين ارتكابه للفعل الاختياري ملتفتا إلى أدائه إلى الاضطرار إلى الحرام، واما أن يكون مترددا فيه، واما أن يكون غافلا عنه، فإن كان غافلا عن أدائه إليه فلا اشكال في عدم وقوع المضطر إليه محرما فعليا وكون الاضطرار رافعا لحرمته سواء كان الفعل الاختياري المؤدى إليه محرما أو مباحا، إذ في صورة الحرمة أيضا لم يقدم المكلف الأعلى ارتكاب هذا الحرام دون ما يتعقبه.
وان كان ملتفتا إلى أدائه إليه (1) فالاضطرار وان كان رافعا للزجر الفعلي بالنسبة إلى المضطر إليه الا انه لما كان بسوء الاختيار كان العصيان والمبغوضية باقيين بلا ريب، فان العقل الحاكم بقبح تكليف المضطر وعقابه لا يحكم به في هذا المقام، وحديث الرفع أيضا منصرف عن هذا المقام الذي اقدم العبد باختياره على ما يتعقبه العصيان.
(ولا فرق) في هذه الصورة أيضا بين كون الفعل الاختياري مباحا أو حراما (هذا كله) مما لا اشكال فيه.
(انما الاشكال) فيما إذا كان المحرم المضطر إليه بسوء الاختيار، مما انحصر فيه التخلص من الحرام كالخروج من الدار المغصوبة، فهل يصير (ح) مأمورا به فقط كما اختاره الشيخ، أو مع جريان حكم المعصية عليه، أو منهيا عنه فقط، أو مأمورا به ومنهيا عنه، أو لا يكون مأمورا به ولا منهيا عنه ولكنه يجرى عليه حكم المعصية كما اختاره في الكفاية،